«كاذب... كاذب... كاذب... الاعلام السوري كاذب»! كثيراً ما ردد شبان سوريون هذه العبارة في تظاهراتهم الاحتجاجيّة ضدّ النظام الحاكم في سورية تنديداً بأداء الاعلام الرسمي السوري وانحيازه للنظام. كما رفعوا هذا الشعار على لافتات. زد على ذلك ان النشطاء السوريين، اغرقوا مواقع التواصل الاجتماعي، بخاصّة «فايسبوك» و«يوتيوب» بملفّات الفيديو التي تسخر من هذا الاعلام، لجهة حجم التضليل الفاضح والركيك الذي ينضح به، في مسعاه لتشويه صورة الثورة السوريّة وحركة الاحتجاج الجماهيري. وفضلاً عن الاعلام الرسمي المملوك للنظام، لا يوجد اعلام مستقلّ في سورية، لكونه مملوكاً لأطراف نافذة في النظام. ولم تتوان القنوات السورية منذ اندلاع الاحتجاجات عن شن حرب شعواء على الاعلام العربي («العربيّة»، «الجزيرة») والعالمي («فرانس 24»، «بي بي سي العربيّة») باعتباره «جزءاً من المؤامرة الكونيّة على نظام «الممانعة والمقاومة» الحاكم في سورية»! وزاد من حمأة حرب النظام السوري الاعلاميّة على الاعلام العربيّ والعالمي الذي يتيح هامشاً للثورة السوريّة ونشطائها، ولرموز وأبواق النظام السوري أيضاً، قرار المجلس الوزاري للجامعة العربيّة الذي طالب شركتي «نايلسات» و «عربسات» بوقف بثّ قنوات النظام السوري الفضائيّة، وقنوات التلفزة الداعمة له. وليلة الجمعة الماضية، ومن حلب، واثناء تواجد مراسل الفضائيّة السوريّة شادي حلوة في الشارع، يقدّم تعليقه، في شكل مباشر لنشرة الاخبار التي تبثّها الفضائيّة السوريّة، إذ بشاب، يقذف حذاءه في وجه المراسل، قائلاً: «الاعلام السوري كاذب» ثم لاذ بالفرار. كل هذا، على الهواء مباشرة. وبدا على مذيع النشرة، في الاستوديو، الارتباك والصدمة والغصّة، لكأنّ الحذاء طاوله في الاستوديو، وقال: «هذه اللقطة السريعة، تدلّ على الديموقراطيّة التي يطالب بها الكثير من داخل هذا البلد (سورية) ومن خارجه». وهذا التعليق، على سذاجته، قد يراه بعضهم، دليلاً إضافياً على ان الاعلام السوري كاذب. في مطلق الاحوال، لم يعد الاعلام السوري، في مرمى الانتقادات والتهكّم والسخرية والتندّر وحسب، بل صار في مرمى احذية المواطنين أيضاً! أياً يكن الأمر، إذا كان هناك زجاج واق من الرصاص يستخدمه الساسة والقادة لحمايتهم، يبدو ان الساسة والاعلاميين المحسوبين على النظام السوري بحاجة اثناء مؤتمراتهم الصحافيّة أو عملهم ومداخلاتهم وتعليقاتهم المباشرة، الى زجاج واق من رشق الاحذيّة.