سكتم بكتم مبالغة وتطبيل المسلسلات هدفها الأول توجيه وتقويم سلوك ..لا للتهريج وسد الفراغ أكدت الاختصاصية الاجتماعية مها العبدالرحمن أن الأعمال الدرامية المحلية تميل إلى سد أوقات الفراغ وجذب المشاهد بأي طريقة كانت على الرغم من أن بعضها يحاكي قضايا المجتمع ولكن قد تكون بمبالغة كبيرة وإسفاف غير مبرر وقالت في تصريح خاص ل «الشرق»:يفترض أن أي عمل درامي أو كوميدي يسعى لإنجاح رسالة الفن التي أُعد لأجلها، وممثلوه أو طاقم العمل فيه هم جزء من المجتمع بدءاً بالكاتب ثم المخرج والممثلين والمصورين وحتى من يصوغ كلمات التقديم لذا لابد أن ينبض في أدائهم حس المسؤولية، والرغبة في التعايش مع هموم المواطن البسيط سواء في دراما أو قصص أو كوميديا، ويضعون نصب أعينهم فكرة السعي لتخفيف حدة الضغوطات النفسية المرافقة لتسارع عجلة الحياة، وتعدد احتياجاتها وهمومها فيحاكوا تلك الرغبة بطابع راقِ بعيد عن الابتذال والسطحية التي تجعل فكرة العمل تنحصر في شغل أوقات الفراغ أو التسلية أوجذب المشاهد وحسب دون فائدة أو عرض هدف سام يراعى فيه عقول المشاهدين». وأضافت :»يجب أن يطبق مبدأ أن مشاهد اليوم غير الأمس فلا هو بالقنوع مع توفر البدائل وتعدد المحطات والبرامج والمسلسلات، ولا هو بالساذج بل غدا ناقداً حذقاً وملماً بالحبكة الدرامية، وبأصول نسج العمل، ودقة الابتكار والتجديد فيه، ناهيك أنه لم يعد يخضع لمشاعر الانبهار بأي شيء حتى لو كان طفلاً». وفيما يتعلق بما يعرض على الشاشة من أعمال ومدى تأثيرها على العائلة قالت:»هذه نقطة هامة تحتاج لتذكير، وليعي المنتجون أن الشاشة للعائلة صغاراً ومراهقين وكبارا ومسنين، وللنساء والرجال، ومتعلمي ومتوسطي الثقافة فلا يجب تهميش تلك المعلومة وأن تكون أول ما يوضع فوق طاولة الاتفاق على عمل جديد، فللأسف كثير مما نشاهد اليوم ما بين إفراط أو تفريط، أو كما يقول العوام ( يا حبا يا برك) أي إما تراجيديا وهموم وأحزان، وصياح وعويل وموت ويوشك يعمم على الدراما الخليجية عامة وليس السعودية فحسب، ولا أدري من أوهم الكتّاب أن «المشاهد عايز كدا»، فبتنا نشهد صياغة الأحداث غما بغم من البداية، وقد يموت أبطال الرواية من الحلقة الأولى، وتتوالى بعدها النكبات والأحزان، وكأن المتابع الخليجي أو العربي ينقصه هم وغم، ودموع وآلام لكي تنقل تلك الصور لمشاهد تسليته وهو فيه ما يكفيه، وحسبه ما تطالعه به الأخبار السياسية وغيرها من مناظر، أو نجد أيضاً أنهم ربما قد يخدرونه ويدخلونه في غيبوبة لامبالاة عبر كثرة مسابقات رقص وغناء ومواهب حركية». واستطردت:»المشكلة الكبرى عندما تغدو حتى المسلسلات التي اعتقدنا أنها ستسري عنا وانتظرناها بفارغ صبر نفاجأ أنها ليست هي ولا كما نريد، والعتب هنا بصراحة على مسلسل «سكتم بكتم» الذي غير خطه من كوميديا هادفة تحمل هماً وموضوعاً إلى دراما متجهمة محشوة بالكثير من المبالغة والتطبيل وزخ الدموع، مع أنه حتى حين كان كوميدياً في أجزاء سابقة كان نبض الشارع ويعالج ويفتح الجرح ويعالجه بابتسامة عذبة خرجت من قلب ووصلت لقلوب، على عكس تسلسل أفكاره لهذا العام حين شابه مسلسلات الكدر والحزن فغاب طابعه الأجمل والأميز، فما غدا فيه ما يوافق جل الشرائح، فلا ثمة ما يسعد طفلاً، ولا يلامس معاناة شاب مراهق، بل يذكر البالغين بهموم ليست بالجديدة أو أنهم لا يعرفونها بل هم يعيشونها والمسؤول يعلم ويدرك الخلل ومع هذا كان من الممكن أن تصله بنكتة كما عودونا، فغياب مسلسل «طاش ما طاش» كان فرصة أن يكتسح «سكتم بكتم» الموسم بلا منازع، ولكن فعلاً «راحوا الطيبين!». وزادت:»المصيبة الأخرى في شخبطة أذهان الصغار والناس عامة حين تعرض لهم البداوة بنكهة التحضر، والفكرة عفا عليها الزمن، ولا تؤدي وهجاً وإمتاعاً يتناسب وهذه الحقبة الزمن، كمضارب بني عبس في زمانها كانت متعة وإضحاكاً تستشعرها حتى لو أعدت مشاهدتها اليوم بعد عشرات السنوات، فلقد كانت من وقت المشاهد فيه متعطش لصياغة مبتكرة من هذا النوع، أما الآن فالساحة تعج بما لا يتناسب مع إحياء فكرة مشابهة،رمضان شهر عبادة وصوم وطاعة، ومادام سيتخلل أوقاته مواد مطروحة ومعدة له خصيصاً فلا أقل من أن تراعي كبيراً وصغيراً، ورجالاً ونساء، وصائماً ومسترخياً بعد يوم صيام». وبسؤالها عن دور المسلسلات في توجيه وتوعية المجتمع أجابت:»تلك الأعمال الدرامية نحتاجها في أن تعين الأهل على التربية والتوجيه، وتذكر غافلاً متجبراً بعاقبة فعله، وتلفت انتباه الناس لما يخدم استقرار حياتهم وتراجع طبيعة العلاقات الأسرية وتزكي الجيد منها، وتحفز على عودة صلة الأقارب والجيران وتسلط الضوء على عواقب ذلك التباعد، وتعالج سوء علاقة أزواج، وتعرج لقضايا طلاق وتعصب وعمالة وغيرها،ولا جديد هكذا كانت الأعمال الخليجية وهكذا كان لابد أن تستمر، تجديد بالقصص والأحداث والآلية، ويترك الأساس والأصل الذي أحبه الناس ويفيدهم، فالإبداع جودة تراكيب، لا تجديد حد التخريب».