الجنس فطرة وغريزة طبيعية، وضعها الله في الكائنات حتي تقبل على التزاوج والإنجاب، وبذلك تستمر الحياة وتتوالى الأجيال ويحفظ النوع البشري من الانقراض، ولم يخص الله به جنساً دون آخر، بل جعل هذه الغريزة عند الإنسان والحيوان على السواء، فيمارسه الجميع دون تفرقة بين الأنثى والذكر، ولم يكن في ذلك ما يعيب أو يخدش الحياء، وقد أقرت كل الشرائع والديانات السماوية العلاقات الجنسية ووضعت لها الأطر في ظلال الضوابط الشرعية الإلهية التي تحكم هذه الممارسة في إطار شرعي وقانوني يحد من الممارسة خارج إطار الدين والشرع والقانون. وفي كثير من الأحيان يؤدي عدم تطبيق هذه الأخلاقيات إلى الكثير من الجرائم والمشكلات التي تعاني منها بعض المجتمعات والأفراد، فكم من بيت تدمر وكم من أسرة ضاعت بسبب هذه المشكلات التي تقع في المنزل الواحد والمجتمع الواحد والبلد الواحد. كذلك كثرت حوادث التحرش الجنسي بالنساء والأطفال واغتصابهم في دول عربية وإسلامية مختلفة في الفترة الأخيرة، وهي ظاهرة غريبة ودخيلة على مجتمعاتنا العربية الإسلامية (مع مزيد من الأسف). والتحرش الجنسي هو مضايقة، أو فعل غير مرحب به من النوع الجنسي ويتضمن مجموعة من الأفعال والانتهاكات البسيطة في البداية، ثم تتحول إلى المضايقات الجادة التي قد تصل إلى الاغتصابات. ما أود قوله هنا إن غالبية مَنْ يمارسون التحرش الجنسي، هم مسؤولون في العمل، وقرابة (%95) من التحرش والابتزاز غير مسجلة، إلى جانب أن معظم التحرش الجنسي يقع من الرجال على النساء (وربما هذا سبب رئيس لإبعاد النساء عن الاختلاط بالرجال في العمل في دول كثيرة حتي لا يتعرضن للتحرش). كما أن هذا التحرش يؤدي إلى خسارة الكثير من الشركات والمؤسسات، ويعطل عمليات الإنتاج وسير العمل، ويكسب كثيراً من بيئات العمل سمعة غير محترمة.وقد درست هذه الظاهرة وبحثت بشكل مستفيض في المجتمعات الأكثر دراية بأهمية البحث العلمي، وبناء على هذه البحوث والدراسات وضعت العديد من الضوابط والسياسات الاجتماعية والآليات التنفيذية لحماية المجتمع والأفراد منها، بينما في مجتمعاتنا العربية المسلمة لا تزال الظاهرة في تفاقم وانتشار وهي بعيدة كل البعد حتي عن النقاش العلمي والحوار الاجتماعي والفكري. لذا أحب أن أطرح هذا السؤال على الجميع: هل التحرش غريزة جنسية أم مرض نفسي؟