لنتفق أولاً أن هناك من المسؤولين من لم نجد الأثر المنشود لعلمهم وفكرهم، وهؤلاء تجد صورهم دائما في الإعلام لسد مساحات الأزمات ونقص الأخبار، وبعض أولئك انتزع عن كرسيه انتزاعا غير مأسوف عليه، وآخرون لايزالون قابعين على قلوبنا. فذلك مسؤول زمجر واغتاظ (بالصوت والصورة) بعد أن انتقد أحد الإعلاميين وزارته ليقول له: (أنت قاعد تفتي) ثم ينتقل غضبه لأحد المزارعين من كبار السن عندما شكا له نقص بعض المواد الزراعية موبخاً له: (تبي الحكومة تعطيك كل شي بلاش، يا عمي روح اشتر)، وآخر عندما وصف المهندسين السعوديين ب(الحريم) في جملة استهزائية وجهها لهم عندما طالبوه بالتوظيف وأن وزارته هي المسؤولة عن ذلك، وبعد أن جادلوه في ذلك الحق قال لهم غير آسف: (قطعوا خطاباتكم وسووا اللي تبون)، أما قصة ذلك المسؤول الأول في إحدى سفاراتنا عندما ناقشته مواطنة بعد تكدس (الشعب الغني) في ممرات مطار إحدى الدول العربية واضعة حلولا لتلك المشكلة رد بسخرية: (يا سلام.. عندك حلول!). أولئك المسؤولون ومن شابههم لم يكتفوا بمخاطبة المواطن كمتسول لهباتهم ونعمهم بل إن إنجازاتهم على أرض الواقع لا تذكر مقارنة بالسنوات العجاف التي قضوها في مناصبهم، وفي المقابل هناك آخرون لم يعيروا ل(البشت) اهتماماً فقد ركزوا على الإنجاز، ورغم قلتهم فإنهم وفي فترة وجيزة من توليهم تلك الكراسي الوزارية أو ما دون ذلك استطاعوا أن يحدثوا تغييراً استراتيجيا رغم (القوى الظلامية) التي تتربص لهم، من تلك الأسماء التي تستحق الشكر (حتى هذه الساعة) وزير العمل الحالي الذي أوجد حلولاً ذكية لتوظيف السعوديين ورعايتهم رغم إخفاق سابقيه فأصبح (بعبعاً) للقطاع الخاص الذي خرج من عباءته، فقراراته الجريئة فتحت أبواب العمل للسعوديات التي كانت موصدة بحجج واهية يصطنعها بعض باسم الدين وهو براء منه حيث مارسوا كل الضغوط لتأليب الرأي العام عليه مستغلين إطلاق أيديهم في فضاء التواصل الاجتماعي حيث انشأوا الصفحات للمطالبة بإقالته بل إن أحد كبارهم الذين علمهم (النت) تزعم إحدى تلك الصفحات ليحارب عدو الله ورسوله والمسلمين على حد زعمه. إن ما يقوم به ذلك الوزير من عمل جاد في تنظيم العمل وآلياته وسن بعض الأنظمة (التي قد نختلف معه فيها أحيانا) ودعم وزارته لتأنيث الوظائف رغم التحديات التي يواجهها يستحق الدعم منا، فكم من شاب وعائلة وامرأة ستنتشلهم تلك القرارات من الفقر والبؤس والفراغ. الأنموذج الثاني هو الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فبالرغم من التركة الكبيرة والمزعجة التي آلت إليه فإنه استطاع بشجاعة أن يقف ضد تيار (الفولكلوريين) الذين أرهقوا مجتمعهم بآرائهم وأفكارهم (الجاهلية)، ذلك (الشيخ) رغم عدم وجود خطة تغيير استراتيجية واضحة ل(الهيئة) استطاع أن يعطي مؤشراً إيجابيا للمجتمع للحد من تجاوزات بعض موظفيه فلم يتوان عن تنحية من يستحق والاعتراف بالخطأ عندما يتطلب منه الموقف ذلك والتأكيد على اختصاصات الغير عندما أكد في تصريح صحفي عقب قضية توظيف المواطنات وقيام بعض (المفسدين) في مكة من مضايقة سيدات وجدن العمل الشريف الذي يحميهن وأسرهن من الفاقة والسؤال: إن وزارة العمل هي الجهة الوحيدة التي تقر المنع أو الإجازة في مسألة التوظيف والعمل، وأضاف أننا في الهيئة لا نفصل أحداً من عمله، ووزارة العمل هي وحدها من تمنع وتجيز ذلك. أما الأنموذج الثالث فهو وزير التجارة الذي لم يخش التشهير بكبار الشركات التي تتلاعب بحياة المواطن بل طالب الجميع بأن يكونوا يداً واحدة معه فأنشأ موقعا لشكاواهم ومقترحاتهم وفتح باب التواصل معهم في المواقع الاجتماعية لمكافحة الغش التجاري. مثل تلك النماذج والأسماء تستحق الدعم منا كمواطنين حتى وإن اختلفنا في هيئتهم وسلوكياتهم الشخصية فأعمالهم هي المحك الرئيس لتقييمهم وأدائهم ذلك هو حقهم علينا أما حقنا عليهم فهو الاستمرار في ذلك التميز وإيجاد الخطط الاستراتيجية الفاعلة التي تطبق على أرض الواقع وتغير من عقليات (الصف الثاني) في مؤسساتهم ليكون سنداً للتغيير الإيجابي في المجتمع حتى بعد مغادرتهم لكراسيهم، أما الآخرون الذين صنعتهم الكراسي دون أن يعوا أنهم وضعوا في مواقع المسؤولية لخدمة (الوطن)، فلعل الله يريحهم من دعواتنا ويريحنا من صورهم في وسائل الإعلام.