يكثر علينا المسؤولون والمستنفعون في وسائل الإعلام الحديث عن التنمية والتطوير وكل يوم نرى انهيارا في الخدمات، وتفككا في العلاقات بين الأهل والأقارب ، ونفورا اجتماعيا ،وغربة ثقافية ،وزيادة في معدل الجريمة، و إيغالا في الظلم والفساد فنرى مدينة أفلاطون الفاضلة على إعلامنا ونرى ظلما كظلم الفراعنة وفسادا كحال القرون السابقة التي أهلكها الله على أرض الواقع وكل ذلك سببه مايفرض من المتسلطين والإعلام الموجه على المواطن بقوة ليغير فكره ،ويحارب فضيلته ،ويغير واقعه ،ويعطيه من المهدئات مايزيده صبرا وأملا ،فيرى من بعد السراب سرابا ،ولاييأس حتى يهلك فالسراب مستمر، والواقع كارثي يعيش فيه الظالم في أمان، والمظلوم يجر إلى الفساد والظلم أو يزداد ألما وحسرة. إن أكبر عيب فينا نحن المواطنين أننا -كما يُرى فينا- مغرورون بأنفسنا ،فنحتقر كل الناس ولانرى اعوجاج رقابنا ،فنحن أشبه بمن يستمتع بالبحر ويرى الطوفان لكنه لايكترث به فلقد قيل له في الإعلام أنه مجرد زوبعة كبيرة،فواقعنا مؤلم للغاية ومقياسنا البيت والسيارة والمطاعم والنفط والبهرجة الإعلامية وبعض الطاعات . بعيدا عن الكلام الذي أشابه فيه إعلامنا بالقول بلا دليل ومنطق سأنشط ذاكرتك أخي المواطن ببعض مانسيته من كثرة ماحل بك، ألا تذكر مصيبة الأسهم؟ ألا تذكر كوارث المساهمات وغيرها؟ أنت مسؤول عنها لأنك لم تثبتها ولو أثبتها فسأريحك بأنك لن تحصل على شيء فليس أسهل من صك الإعسار أو سجن النصاب الصغير الغبي ،وليس بأصعب من الحصول على حقك ومخاطبة النصاب الكبير لأنه يعرف فنون اللعبة ويملك مقومات القوة والمماطلة والمراوغة، أما اشتهرت تلك المساهمات؟ أين الرقابة والمسؤولون عنها؟ ألم يصل إليك أنهم يعلمون بها؟ إذن لم هم صامتون حتى خسرت كل ماتملك؟ لاعليك دعني أعد عليك بما أقدر على طرحه :أين الخدمات التي يستحقها كل مواطن ومواطنة حسبما ماهو متعارف عليه في الإسلام و المنظمات العالمية؟ ألا يستحق كل مواطن ومواطنة الماء والكهرباء والهاتف وقرضا شرعيا ميسرا؟ ألا يستحق أيضا أرضا صغيرة يبني عليها بعد أن أرهقه بيت الإيجار؟ ألا يمكنه بذلك الإيجار الشهري أن يبني بيته ويسدده على دفعات ولو زاد عليه المبلغ؟ لاتقل لي أن المسألة تحتاج إلى دراية وخبرة وتنظيمات وهرطقات المسؤلين التي حفظتها ولاتدري معناها ؟ هات مالديك ولاترهقني بالكلام الغير مسوغ فأين لغة الأرقام ؟ لاتحزن كما قال دكتورنا القرني لاتحزن، فأنت قد تستحق ما أنت فيه لأنك ساكت عن حقك تضمر في نفسك الصمت وتؤثر غيرك عليك حسرة لا رضا منك ونسيت قوله تعالىإن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم) وتهاونت في أجر الإصلاح وقذف فيك الوهن، فغيرك يشرب من نهرك وأنت تصبر وتلقي باللوم على غيرك، لاتقلق وابدأ الحياة من جديد فهذه الحكمة التي تعلمتها ولم تتعلم مواجهة الظالمين والوقوف على ظلمهم بل استثمرت وقتك في التهرب من الواقع والبحث عن متعك ولو عن طريق التلفاز والفكر الموجه إليك فلاتبالي بما يكون في الكون فالأهم ألا يأتي ذلك اليوم الذي يوقظك أحدهم من حلمك فينقض عليك الأحلام الجميلة ولو كانت كوابيسا ،فترى الواقع لأنك تعلمه وتهرب منه. كثير منا يشتكي حال الفساد من حوله ولايبحث عن السبب؟ تفكر وجد أين الخلل؟ أليست الواسطة أحدها؟ لم الواسطة إذن؟ ومن هم أهل الواسطة؟ ولماذا تقبل بالواسطة وتبحث عنها؟ ألا ترى أن من يبحث عنها هم فقط الأذلاء كالطفيلي ولكن على فاسد مفسد قوي مستقو ظالم جبار متكبر متسلط فإن لم يكن واسطتك من هذا النوع فاغسل يديك منه؟ دعنا نعرج على الفساد في الأنظمة؟ دعك من أولئك الذين يقولون أن المخالفات المرورية هي جباية وليست في صالحك لأنهم لايعلمون بها فالمسكين مطالب بإنهاء الكمبيالات أو لن يذهب إلى بيته والعذر أن هناك من لايعمل فكما أن دفتر التحضير هو دليل على أن المعلم يعمل فكذا دفتر المخالفات وقس عليهما ؟!! ولكن قل لي هل لو احتجت إلى أحدهم سيأتيك فورا ؟ولو أتاك لص فهل أنت قادر على استدعائهم أم عليك أن تقفل الباب على اللص وتتركه ثم تذهب وتسجل بلاغا وقد ينتظرك اللص مبتسما ياصاح لم أجد في بيتك خبزا لأطعم به أبنائي ونفسي؟ فرضاً لو احتجت إلى ذلك الموظف ولو علا ليخدمك في أمر ما وهو من واجبه هل سيقوم معك؟ وهل هو مكلف بذلك؟ اذهب إلى الوظائف الأخرى كالطبيب الذي يُمرض و يقتل أكثر مما يعالج فالمستشفى الداخل فيه مفقود والخارج منه مولود وقد يكون خديجا، واذهب إلى التعليم فالغش فيه من شيم الكرام وفساده مستفحل ولو كان من أمري شيئا لبحثت عن \"المطوع\" ليعلم أبنائي في الكتاتيب ويحفظهم من الطلاب المفسدين الذين يجدون في المدرسة مكانا آمنا لممارسة كافة طقوسهم فلائحة النظام تعطي الطالب إجازة عن كل مصيبة يصيبها ، والمسؤولون مشغولون بتطويره ولا ادري هل يقصدون تطوير محافظهم الاسثمارية أم التعليم لأني لم أر في التعليم تطويرا ؟ولايدرون أنهم إلى كارثة لن يقدروا عليها مقبلون، لكن أسهل ماسيكون هو علاجهم وإشاء لجان للوقوف على الكارثة حتى تنساها لأن غيرها سينسيك إياها. مسكين أنت أيها المواطن فأنت أفضل مواطن ترضى ولاتغضب، وترضخ ولاتتمرد لأن ذلك حرام ولا ادري أين الحرمة لكن يقال أنه حرام وعليك ان تسكت فأنت لاتعلم شيئا، تطيع المسؤولين قبل الله فرضاهم قبل رضاه ولاتقل لي أنني أهذي بل ابحث وستجد أن كلامي صحيح فلقد تم إرهابك حتى بالدين فأنت تخشى الله وقد يكون ذلك مؤشرا لك أن الأمر قد أظلك وأنك بت على مقربة من الأذى ،اقبل ونفذ مايطلب منك فيقال أنك من المستثنين بقوله تعالى \"إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان\" طبعا تفسير الآية ليس من القرطبي ولا حتى من ابن سيرين بل من لصوص المسؤولين وهو اجتهاد منهم ، لاعليك فالمنكر يزال بالقلب أيضا ولاتقل أن اللسان مقبول لأنك ستفصل و ستضرر وظيفيا فإن تكلمت جعلك المسؤول عبرة لغيرك وإن غير ذلك فأنت طيب ومخلص ولو مررت مامررت من المعاملات، لقد أصبح تفكيرنا أن الفساد هو الحل فازدادت نسب السرقات من بعض المسؤولين وازداد الفساد فيهم وكذا صمتنا لأن الجو العام كما نراه فاسد وعليك ان تفسُد وتفسِد أيضا آمرا بالمنكر وناهيا عن المعروف أو ابق على حالك بعيدا عن الناس ولاتتدخل وخالف أمر الإسلام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا مما لاخلاف عليه من بسيط الأمر والنهي . إن أعجب العجب رؤيتنا للناس تقلد الظالمين المفسدين في أسلوب الكلام والفساد وماذاك إلا دليل على الإنهزامية والتبعية فتلك يا مواطن المثالية أو الضلالية التي ستجعلك تعيش في رضا الناس حتى تقبل على رب الناس وحينها لن يفيد الندم بعد أن زلت القدم نسأل الله أن يقبضنا إليه غير مفتونين. جرب من حولك أن تعمل ولو بالبحث عن \"ركاب\" تحملهم إلى ديارهم بسيارتك التالفة أو المستأجرة وانظر إلى العمالة وأصحاب رؤوس الأموال يعملون بكل سلاسة بل و بكل جرأة ،أما أنت إن عملت فالدوريات من خلفك لأنك لن تستطيع تحويل سيارتك إلى أجرة بعد أن أصبحت مديونا للمرور بألاف مؤلفة أكثر من كسبك فخطؤك لايغتفر، حاول العمل في الخضار أو السمك أو حتى في المساويك أو غيرها وادع الله ألا تجاورك عمالة متحدة فتجعلك تترك عملك رغم أنهم مخالفون لكنهم يعملون وأنت ستضطر إلى ترك العمل والبحث عن غيره ، لاتأمل أن يقلوا فهم في تزايد لأن المستفيد منهم ليس مواطنا عاديا وقد يعملون في الوظائف الرسمية أيضا فكل خوفي من القادم، حتى لو لاسمح الله واضطررت إلى السرقة أو النصب أو غيرها فقد لاتكشف وقد تكشف فتذهب ريحك ويذهب ربحك دنيا وأخرى، فلا أدري ماهو الحل أخي المواطن ؟ إن الحل في مواجهة تلك المشاكل هي أن يكون كل مواطن مسؤولا عن نفسه أولا فيصلحها ويغير مايستطيع وليس معنى ذلك أن تكون فيك كل صفات الصلاح أولا، بل بحالك فأنت إن تغيرت وغيرت ماحولك تناقل الناس هذا الحال وأصبحت أكثر قوة وأقدر على إصلاح حالك ،فالحل الوحيد هو التغيير من الذات والعمل الفردي ولكن بروح الجماعة فدليلنا القرآن والسنة ورموزنا هم أهل الصلاح والإصلاح لا المنافقون والمطبلون، فكلنا يخطئ وكلنا فيه من العيوب مافيه لكن لايمنع ذلك أن توصل صوتك وتقوم من صمتك فلم يكن في العرب قبل الإسلام أيام الجاهلية ولافي الإسلام بعدها من يقبل الذل والإهانة ولا يصلح بمايقدر فمن أين اكتسبنا نحن هذا الصمت المطبق والخوف الشديد من المسؤول الظالم والبطن الذي لايشبع؟ أظن أننا سمعنا الكثير من حولنا عن معالجة الأمور وإيجاد الحلول وكان موقفنا فقط موقف المتفرج المصفق لا الفاعل الحصيف فعولجت الأمور بالأوبئة من غيرنا، هناك حملات إعلامية شديدة جدا لتلميع أهل الفساد والإفساد وتشويه الحق وأهله والدخول بكل صوت ومحاولة النكاية فيهم والتنكيل بهم بأساليب قمعية غبية لن تزيد المؤمن إلا قوة وإيمانا وإن أتعبته، لكن البشارة هي أنه كلما زادت قوة الظلم وشدته كلما اقترب من نهايته فعلينا أن نحمي بلادنا من كل مخذل أيا كان امتثالا لأمر الله ولاحول ولاقوة إلا بالله أحمد المتحمي