طبعاً نحن مع الحريات لكن الحريات المسؤولة، وأحياناً تكون الحكومات معذورة في الرقابة على الصحف أو إيقاف الإذاعات.. وتعالوا نقرأ قصة «راديو وصحيفة». ففي الستينيات ظهر في مصر السفاح «محمود أمين سليمان» الذي كتب قصته أستاذنا «نجيب محفوظ» بعنوان «اللص والكلاب» وقد رآه في السجن شاعرنا «أحمد فؤاد نجم» وكان دائم التنكر، وقد دوّخ السفاح البوليس المصري حتى عثروا عليه في مغارة بمدينة «حلوان» جنوبالقاهرة. وعندما قتلوه كان الرئيس عبدالناصر في زيارة لباكستان وجاء عنوان جريدة «الأخبار» في اليوم التالي يقول (مصرع السفاح) وعنوان آخر مجاور (عبد الناصر في باكستان)!. ونسي المسؤول عن تجهيز الصحيفة أن يفصل بين العنوانين فجاء كالآتي (مصرع السفاح عبدالناصر في باكستان)!. وكان «محمد صبح» صاحب محطة إذاعة أهلية في العشرينيات من القرن الماضي يفتحها صباحاً ويرش الماء ويقرأ التواشيح والنشرة بنفسه ثم يغني. وفي أحد الأيام اتصلت به سيدة لتقول له في التليفون أن صوته «مسرسع» أي حاد ومزعج، ففوجئ به المستمعون يقول على الهواء مباشرة: «الست التي تقول لي إن صوتي مسرسع دي ست كذا وكذا (شتائم) وأنا عارفها كويس وعارف بيتها وعنوانها وأعرف من يسلطها عليّ وسوف أذهب وأضربها هي وزوجها»...!. وكان «محمد صبح» أحد أسباب إغلاق المحطات الأهلية، والسفاح «محمود أمين» أحد أسباب فرض الرقابة على الصحف!.