في الثامن من شعبان الماضي، غيّب الموت هذا الغالي أخي الكبير عبدالله وكأنه ما عاش بيننا وما ملأ دنيانا وما قاسمنا شهد دكاتنا وملح دموعنا لكنه لم يلبث إلا ساعة من نهار أو أقل! رحل بعد أن طهر جسده وأدى صلاة العصر. لقد كنت أخي عبدالله أنموذجاً في الطيبة وطهارة القلب لم ينل أحد منك أذى أو يمس امرئ منك سوءاً عشت مسالماً محباً للآخرين مشغولاً بنفسك عن غيرك يا ليتك رأيت يا حبيبنا تلك الجموع من أهلك وأصدقائك وأقاربك وجيرانك الذين قدموا من أحياء الهنداوية والطنضباوي والرصيفة والمسفلة والشوقية والسبهاني ومن الرياض ومن تبوك ومن الطائف ومن الشرقية ومن المدينة ومن ينبع ومن جدة ومن عسير ومن جيزان والباحة الذين صلوا عليك في المسجد الحرام ثم شيعوك إلى مقبرة المعلاة ليودعوك بل ليودعوا النقاء والطيبة والألفة والمحبة والصداقة والتعاون والتعامل والقلب الأبيض. رحلت وأنت لم تثقل على أحد في حياتك وقد كنت تسأل ربك حسن الختام وقد استجاب الله دعاءك فغادرت ولم ترهق أحداً كما هو نهجك في حياتك غفر الله لك أخي الراحل. من دفئ قلوبنا إلى لحد قبرك ما كأنك عشت بيننا أخانا الكبير لكأنك لم تلبث معنا إلا يوماً أو بعض يوم! رحمك الله كم هي حياتك ثرية بالتجارب فقد سافرت وتعبت وأنت صبي وتغربت كثيراً بحثاً عن العمل والرزق الحلال عملت في عديد من الدوائر الحكومية والأهلية سنوات طويلة خاصة المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق وما زلت أتذكرك عندما تأتي إلى مكة قادماً من منطقة الرياض وأنت بلباسك الزاهي تحدثنا عن تاج الخليج الرياض وقصر المصمك والدرعية وكيف الناس يعيشون في عاصمة بلدنا الحبيبة الرياض وكنا ننصت إليك بشوق وإعجاب فنحن لم نغادر وقتها بيتنا في شارع الستين! الله يا عبدالله هكذا مرت السنوات سافرت عنا فجأة غبت عنا فجأة انتقلت من ظهر الأرض إلى بطنها فجأة افتقدنا جلساتك معنا وأحاديثك التي تؤنسنا وحكاياتك التي ترويها لنا وتروينا بها مررت بأطياف الحياة ما بين آمال وآلام فجر وهجير وحريق ورحيق عشت كل هذه التجارب ولم تزدك إلا قوةً في مواجهة الحياة وسلاماً ومسالمة للناس. لا يخفف من ألمنا على رحيلك المفاجئ إلا إيماننا بربنا، و دفئ الطمأنينة يخضب وجداننا ونحن نودع أحبابنا في هذه الدنيا مؤمنين بلقاء قريب عندما ننتقل من دار الممر إلى دار المقر. كم نخطط ونرتب بقادم الأيام ونحن لا ندري ماذا يخبئ لنا القدر. إليك رثاء قلبي وقلب أهلي على فراقك يا عبدالله. اللهم عوضه دارا خير من داره وأبدل سيئاته حسنات وأجمعنا به في جناتٍ ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر.