هناك من المصائب والآلام والكوارث.. والأحزان ما لا يستطيع الإنسان أن يتحمله.. أو أن يصمد أمامه.. أو أن يحافظ على توازنه واستمرار حياته الطبيعية معه ومن تلك "المصائب" التي يتعرض لها البشر.. فقدان عزيز عليهم.. وقريب من مشاعرهم.. وجزء من جوارحهم.. فكيف إذا كان هذا الإنسان يعيش داخل مشاعر أبناء وطنه.. وأمته.. وداخل مشاعر الشعوب الأخرى..؟ وكيف إذا كان هذا الإنسان هو حبيبي.. وحبيبك.. وحبيبها.. لأنه أحد أركان بلد الطهر والقداسة وبلد الملك العادل؟ الملك الإنسان الذي علمنا معنى الحب الصافي.. والولاء الصادق والوفاء الذي لا يتوقف ولا ينقطع..؟ وكيف إذا كان هذا الإنسان هو "سلطان" الخير .. والسماحة.. والألق الدائم..؟ وكيف إذا كان هذا المصاب هو في الإنسان الذي كان رفيق درب ملك الإنسانية.. وبعض مشاعره .. وأحاسيسه.. وراحته؟ وكيف إذا كان هذا الحدث المؤلم هو "غياب" من ضمد جراح الأبطال.. ووقف إلى جوار المعوزين.. والمعوقين وشمل برعايته الأيتام.. والفقراء.. والمساكين؟ تماماً.. كما هي سجية الملك الإنسان.. وتماماً كما هو تكوين الرجل الذي جعل الأخوة.. هدفاً وغاية والعمل من أجل البشرية.. منهجاً وطريقاً والتعايش بين الأديان والثقافات.. طريقاً إلى الخير.. وإلى المحبة والسلام..؟ وكيف إذا كان هذا الفقيد الذي ودعناه قبل يومين.. وبكينا عليه من كل قلوبنا.. وصبرنا على فراقه.. كما صبر "أبونا" وسيدنا.. الملك عبد الله بن عبد العزيز.. وهو يقف على رأسه.. ويودعه وهو يدعو له بالمغفرة والرحمة.. وهو يقول له: إلى جنة الخلد.. يا سلطان؟ أيها الكبير بأعمالك.. والكبير بحبك للناس.. والكبير الكبير بحب الناس لك.. وأنت تستحق كل هذا..؟ ها قد ودعناك يا سلطان.. وداع من رحل عنه عزيز غالٍ وإنسان نبيل.. وحبيب ليذهب إلى بارئه.. ويلاقي ربه.. بِعِظمِ أعماله.. وحسناته.. وطيباته.. كيف لا. ونحن الذين علمنا الملك الإنسان كيف يحب بعضنا بعضاً.. وكيف يفتقد كل منا أخاه الآخر إذا غاب .. أو ابتعد عنه.. فما بالنا أن تكون هذه "الغيبة" طويلة.. ويكون اللقاء مستحيلاً في هذه الدنيا.. وإن منينا لنفس بأن نلقاك ذات يوم.. في أعظم مكان.. في رحاب الجنة إن شاء الله تعالى.. لقد ودعناك وفي قلوبنا غصة وداخل صدورنا .. تباريح جراح عميقة.. ودعناك.. بحرقة.. لم يطفئها سوى الشعور بالأمان لوجود أخيك.. وحبيبك.. ورفيق مسيرتك الطويلة هذا الملك الإنسان الذي نقف اليوم أمامه..لنعزيه ونسمع منه تعزيتنا فيك.. ونتقوى بقوة إيمانه.. وبصبره.. ونرفع أيدينا إلى السماء.. إلى رب عباد الله إلى خالق هذا الكون ومدبر أمره.. بأن يرحمك رحمة الأبرار.. وأن يطيل لنا في عمر هذا الملك الورع.. والعادل.. والإنسان فبوجوده نستطيع تحمل آلام فراقك.. وبوجوده نُحس وكأنك معنا.. وبيننا.. ولست بعيداً عنا.. وبوجوده نشعر بكل أمان الدنيا وطمأنينتها.. وبالرضا بقضاء الله وقدره الذي اختارك إلى جانبه.. وأخوك إلى جنته.. وإلى رحابه الطاهرة .. والخالدة.. يا سلطان *** ضمير مستتر قد نبكيك طويلاً.. وقد نجفف دموعنا بعد وقت .. لكننا سنظل نتذكرك إلى أن نلحق بك