قص الجناح! (1) ما أصعب الحنين إلى الماضي، وما أجمل الذكريات.. «نضحك» ونتذكر الذين كانوا بالأمس معنا، وفجأة نبكي ونضحك كالمجانين، نضحك على حكاياتهم معنا سابقاً، ونبكي لأنهم تركوا لنا هذه الدنيا خالية، ولأننا تذكرنا أيضاً أنهم اليوم مسكنهم تحت التراب ولا نستطيع سوى ذكراهم. نتمناهم نعم... نشتاق لهم نعم... نحبهم كثيراً نعم... ولكن كل ذلك لم يشفع لنا عند القدر لكي يتركهم لنا لم نتصور أنه سيأتي يوم سنتمنى صوتهم لم نتصور أن ستمر سنين ونحن لم نرهم! لم نتصور بأنهم سيبعدون عنا من دون سابق إنذار فجأة. رحلوا... وبرحيلهم أظلمت الدنيا وذبلت الورود... (2) خبر رحيلهم هز كياني... وشتت جسدي... وجعلني كالمخدرة بين حشود الناس، لم استوعب وكنت لا أريد الاستيعاب... أيام عزائهم أفقدني الشعور بنفسي... وجعلني كأني من المعزين البعيدين لم أبكِ كثيراً...؟ لم أنهر...؟ لم أجزع...؟ يا الله كيف تحمل قلبي الصغير كل ذلك الألم...؟ كنت لا أريد الواقع، كنت أهرب؟ نعم كان عقلي يهرب من هذا الواقع المرير... لم أريده لم يعجبني... كنت متصورة بأن الدنيا سوف ترضيني ولن تبكيني... كنت متصورة بأن هذه الدنيا لن تأخذ مني أحبابي... ولكنها خذلتني وأخذت أخي... ولم ترحمنا... لماذا هذا الواقع مرير...! لماذا الموت يداهمنا نحن بالذات...! لماذا يرحل ويترك لنا هذه الدنيا وأصبحت كأنني في صحراء خالية من الجمال...! (3) الآن جانبي صورتك... كراستك... قلمك... بطاقتك... جميعها قد لملمتها واحتفظت بها بصندوقي الصغير... صورتك... أنادي عليك ولكن لا تلبي النداء... أحكي لك ولكن أنت صورة جامدة لا تتكلم! كراستك... أقرؤها كلما اشتقت لك... أقرأ تلك الكلمات التي كتبتها وغادرت قلمك يختلط حبره بدموعي وأنا أتذكر يدك الحانية تمسك به بطاقتك أعلقها على صدري وأرى نفسي في المرآة وأتخيلك أنت...! فقد أصبحت كالمجنونة وأنا بكامل عقلي. (4) الآن أكتب عنك... بعد مرور ثلاث سنوات من رحيلك... الآن أكتب بعد المصاعب التي واجهتنا من دونك الآن أكتب بعد محاولة نسيانك ولكن... لا جدوى فلا أستطيع أن أنسى شخصاً قد عشت معه من حين ولادتي وقد كان جزءاً أساسياً في حياتنا. (5) الآن فقط أدركت نفسي أنك لم ولن تعود أبداً... وأدركت أيضاً بأن غيابك قصُ للجناح... الآن فقط انهارت جميع قواي ونفد صبري... ولم يعد هذا القلب يتحمل لوعة فراقك ولكن...! هل تضن بأن بكائي سيعيدك إلى الحياة ثانية! أقسم لو أن البكاء سيجعلك تعود... فوالله لأبكينك إلى أن أفتقد بصري. [email protected]