عمان – علاء الفزاع بقاء الأردن في عنق الزجاجة قد يؤدي لانفجار زكي بني أرشيد هو أحد أكثر شخصيات الحركة الإسلامية الأردنية إثارة للجدل، فالرجل صاحب تصريحات أثارت زوابع حولها عدة مرات في الصحافة المحلية الأردنية، كما كان من تيار اختار مخاطبة النظام الأردني بلغة تصعيدية واضحة. ويوصف بني أرشيد بأنه من زعماء ما يعرف بتيار الصقور داخل الحركة الإسلامية رغم أن أوساط الحركة لا تحبذ تصنيف رجالها بين صقورٍ وحمائم. وبني أرشيد هو الرجل القوي في الحركة الإسلامية الآن، حيث فاز أنصاره في انتخابات جماعة الإخوان قبل أسابيع، في حين يتولى هو منصب نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، يأتي ذلك فيما ترسخ الحركة الإسلامية نفسها كأقوى لاعب سياسي في الساحة الأردنية في مواجهة السلطة، «الشرق» التقت بني أرشيد وحاورته حول عدة قضايا، وتالياً نص الحوار: * ما هي أبرز التحديات أمام الحركات الإسلامية التي وصلت إلى المشاركة في السلطة في عدة دول عربية؟ - في المقدمة يأتي حفظ الاستقرار يليه إنجاز النهوض الاقتصادي ثم إدارة العلاقات الدولية والإقليمية، ثم تنظيم العملية الديمقراطية وإتاحة الحريات على المستوى المحلي، والحريات هنا مفهومها واسع سواءً كانت حرية الاعتقاد والتعبير والرأي أو حرية التنظيم والتحزب، وأعتقد أن هذه هي أهم الأولويات التي تواجه الحركات الإسلامية. * نلاحظ الآن تنسيقاً أكبر بين فروع الحركة الإسلامية في الأقطار المختلفة، وفي هذا الصدد وصلت أنباء صحفية عن لقاء جمعك بالقيادي الإخواني المصري خيرت الشاطر في تركيا، ما طبيعة هذا اللقاء؟ - الذي جرى في العالم العربي مفاجئ للجميع بما في ذلك الحركة الإسلامية، وإذا أردت الدقة لم يكن هناك عقل مركزي في الحركة الإسلامية يدير ما يجري في العالم العربي، وكل ما يقال حول هذا الموضوع هو عبارة عن تحليلات لا تستند إلى وقائع، بالمجمل الحركة الإسلامية من حقها أن ترى وتنسق وتتشاور، ليس فقط مع الإسلاميين، ولكن مع كل تجربة ناجحة في المنطقة ومع كل التيارات والأفكار، والتجربة أثبتت أيضاً أنه ليس بمقدور أي حزب أو تيار أو حركة، سواء أكانت إسلامية أو غيرها، أن تنفرد بإدارة شؤون أية دولة، فكيف بشؤون إقليم، وخاصة إذا كان هذا التفرد يعني إقصاء الآخرين، الثقافة الجديدة التي يجب أن تسود، وأعتقد أنها الآن باتت راسخة في الوجدان الجمعي للمكونات السياسية في العالم العربي، إنه لابد من مشاركة الجميع في المسؤولية، فيما يتعلق بخيرت الشاطر، يشرفني أن ألتقي به وبكل المناضلين سواء أكانوا إسلاميين أم غير إسلاميين، ولكن لدقة المعلومات لم ألتق بالشاطر، ولم يكن لدي أية معلومات عن وجوده في تركيا، وبغض النظر عن دوافع من صنع هذا الخبر لكنه ليس صحيحاً. * من الواضح أن هناك بوناً شاسعاً بين مطالب الحركة الإصلاحية واستجابة النظام، كيف ستضغطون لإنجاز مطالبكم؟ - علمياً ومنهجياً من الخطأ أن نقول إنه لم يتحقق شيء وأن النظام السياسي في الأردن لم يستجب إلى مطالب الإصلاح التي تنادي بها الحركات الوطنية في عمومها، في التشخيص الدقيق هنالك خطوات كانت في مسار تعديلات دستورية وتشريعات قانونية أبرزها قانون الاجتماعات العامة وتأسيس نقابة المعلمين. وهنالك أيضاً بيئة سياسية خرج المواطنون بموجبها للتعبير عن آرائهم بشكل واضح حتى أن الأردن وصف بأنه مسرح واسع للاعتصامات والاحتجاجات والاعتراضات، وربما كان هناك نوع من التجاوز في بعض هذه الاحتجاجات، هذا أولاً، وثانياً هذه الإصلاحات والخطوات ليست كافية بالتأكيد، وهنا موضع الاختلاف بيننا وبين السلطات الأردنية، فالسلطات ترى أن الذي جرى جرعة كافية في حين أن القوى الوطنية وبإجماعها ترى أن هذا لم يصل إلى مرحلة تحول ديمقراطي ولم يغير من قواعد الأداء في المسار السياسي في الأردن، حيث ما زالت الأدوات محكومة بنفس القواعد السابقة، وعليه فالحركة الإسلامية مع حركات وطنية أخرى تسعى لاستكمال المسار الإصلاحي، تملك الحركة الإسلامية والحركات الأخرى عدة أشياء للضغط، وأهمها الموقف السياسي الذي يرفض أن يشارك في أية عملية غير مستوفية لأركان تمثيل الشعب الأردني، أي لا بد أن يكون هناك في الحد الأدنى قانون انتخابات معبراً عن إرادة الشعب ومتجاوزاً لقانون الصوت الواحد المجزوء الذي عانى الشعب الأردني كثيراً منه، والذي أثبت أنه قانون فاشل ليس له هدف إلا محاصرة المعارضة بأفقها الواسع، هذا الموقف السياسي الذي تمتلكه الحركة والموقف الآخر هو الحراك الشعبي إذ لابد أن يستمر باعتباره أداة ضغط ربما يكون لها نوع من التطوير والتهديف والترشيد حتى نستطيع أن نصل إلى نقطة التوازن. * التقيت مدير المخابرات مؤخراً، هل تعهدت الحركة الإسلامية في هذا اللقاء أو غيره بأن لا تسعى إلى الأغلبية ضمن محاولاتها تقديم ضمانات للحكومة لإقناعها بالتخلي عن قانون الصوت الواحد؟ - هذه فزاعة تُستَخدم باستمرار تستحضر ما جرى في الأقطار المحيطة ويتم بموجبه تخويف أطراف متعددة في المشهد السياسي الأردني، قلنا ونقول إن الحركة الإسلامية لا تسعى إلى الاستفراد، وليس في فكرها ولا أدبياتها ولا رغبتها أن تستحوذ أو تقصي الآخرين، وفي هذا المرحلة بالذات ليس من مصلحتنا أن نشكل الأغلبية في أي مشهد سياسي قادم، لا في مجلس نيابي ولا في حكومة، إذا كان هذا الموقف يمكن أن يشكل تطميناً فأنا أؤكد عليه، وأكثر من ذلك أقول إذا كان هذا هو السبب الحقيقي المعيق للإصلاح وكانت هنالك رغبة للتفاهم حوله فليس لدينا مانع من أن نقدم الضمانات الكافية ومفادها لا نسعى إلى الاستحواذ أو الاستيلاء على المشهد، أو حتى الحصول على الأغلبية. * بالنسبة للقاء مدير المخابرات، هل لم يؤتِ ثماره؟ - من المبكر أن نقول إنه لم يؤت ثماره، لأن الموضوع ليس متعلقاً بقانون الانتخابات فقط وإنما تم بحث موضوع التعديلات الدستورية وفتح آفاق أخرى للإصلاح، ومن الواضح أن العقبة الآن أصبحت هي قانون الانتخاب، والصوت الواحد بالتحديد، أعتقد أنه من غير المناسب أن نصف اللقاء بأنه لم يحقق ثماره، إذا كان الحديث حول قانون الانتخاب فصحيح، نحن لم نصل إلى تفاهمات حوله ولم ننجح، لكن إذا كان هناك محاولة لإيصال الرسائل فأعتقد أننا أوصلنا رسالتنا واضحة وأتمنى أن تُلتَقط في وقتها، لأن الوقت في الأردن ينفد بسرعة. * هل يمكن أن يتكرر لقاؤكم مع مدير المخابرات؟ - نعم من الممكن. * هل يمكن الحديث عن تأجيل الانتخابات؟ أظن أن المصلحة العليا تقتضي إنجاز القواعد والتشريعات الخاصة بالقانون حتى لو أدى ذلك إلى تأجيل الانتخابات شهراً أو أكثر. * حسب توقعاتك، إلى أين ترى مآل الأمور في الأردن؟ - هذا سؤال كبير، ومن الصعب أن يجيب عليه أحد في الأردن، لأن المعادلة لها أكثر من طرف، وأحسب أن القادر على أن يجيب على مثل هذا السؤال هي السلطات التي بيدها المفاتيح والأبواب والخيارات والمسارات، الشعب عنده خيار واحد ويطالب به وبطريقة حضارية وسلمية، وتتوقف مآلات ونتائج المشهد على الطرف الثاني الممسك بالسلطة الآن، وفي ضوء المعطيات الحالية لا أمتلك كثيراً من التفاؤل، ومع ذلك فما زال هناك فرجة يمكن تتوسع وأن يحصل التوافق الوطني وهذا الذي أرجوه، وأنتظر حصوله لأنه وخلافاً لذلك سيبقى الأردن في عنق الزجاجة، والبقاء في عنق الزجاجة إما أن يؤدي إلى الاختناق أو إلى الانفجار، وكلاهما أمر غير مرغوب، وهو ما يعني أن هناك لحظات يمكن أن يستدرك فيها صاحب القرار بانفراجة وبمبادرة وطنية تعيد الأمور إلى مسارها، وتتجاوز أصحاب الأجندات الصغيرة والحسابات الضيقة والشخصية، وهي فرصة لا يمكن أن ألغيها من حساباتي، وإن كانت الأمور تدل على أن هذا الاحتمال قد يكون مرجوحاً وليس راجحاً. زكي بني أرشيد