يحمل اختيار الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي للرياض كأولى محطاته الخارجية بعد انتخابه عدة رسائل بعضها يتعلق بالروابط المصرية السعودية وبعضها الآخر يتعلق بالحسابات السياسية في المنطقة. وتأتي تلبية الدكتور مرسي دعوة خادم الحرمين الشريفين للالتقاء في الرياض كمؤشر إيجابي مفاده أن الإدارة المصرية الجديدة ترى في المملكة شريكاً استراتيجياً على الصعيد السياسي وركيزة أساسية في خارطة العلاقات الخارجية لمصر على الصعيدين العربي والإسلامي، وهو ما أتى مخالِفاً لتوقعات من اعتقدوا أن وصول أحد قيادات تيار الإسلام السياسي إلى سدّة الحكم في مصر سيكون كفيلاً بتوتير العلاقات بين الرياضوالقاهرة متناسين أن ما بين العاصمتين اللتين تقودان هذه المنطقة من الصلات في مختلف المجالات سيحول دون وقوع هذا الجفاء. كما تكشف هذه الزيارة المرتقبة، التي تُعد الأولى لمرسي منذ انتخابه، كذب ادعاءات وسائل إعلام إيرانية حاولت الوقيعة بين مصر ودول الخليج وبثت يوم تسمية رئيس مصر أنباءً مفادها أن مرسي لن يزور الرياض قريباً، وهو ما ثَبُت عدم صحته. ولا يخفى على مراقبي المستجدات السياسية في الشرق الأوسط أن طهران كانت تتمنى أن تكون وجهة مرسي الأولى خارجية وأن زيارته إلى الرياض تشكل وفق هذه المعطيات ضربةً سياسية لسعيها إلى التأثير سلباً على العلاقات المصرية الخليجية ومحاولاتها المستمرة لاستقطاب السياسيين المصريين وإيجاد موطئ قدمٍ لها في القاهرة. ومن المتوقع أن تشهد الزيارة تأكيداً مصرياً مفاده أن أمن الخليج خط أحمر لدى القاهرة، وهي قناعة بدت واضحة في تصريحات مرسي التي قال فيها إن «أمن مصر مرتبطٌ بالخليج» وإعلانه في خطابه الأول في ميدان التحرير أن «الثورات لا تصدَّر»، وهي قناعة سياسية تخالف تماماً قناعة طهران التي تبذل مساعي غير خفيَّة لتصدير ثورتها إلى دول الجوار. ويمكن القول إن لقاء الرياض بين خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس المصري سيكون مقدمة لتعميق العلاقات بين البلدين خصوصاً في مجال التجارة والاستثمار بما يخدم مصالحهما ويعزز تنسيقهما المشترك.