في محاولةٍ مبكرة للوقيعة بين مصر في ثوبها الجديد ودول الخليج العربي، استبقت وسائل الإعلام الإيرانية مواقف الإدارة المصرية المقبلة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية ونقلت عن الدكتور محمد مرسي تصريحاتٍ، تبيّن عدم صحتها فيما بعد، مفادها أن القاهرة سترفع درجة التنسيق مع طهران لتحقيق ما يسميه الإيرانيون «التوازن الاستراتيجي في المنطقة». ولم تكتفِ وكالة الأنباء الإيرانية بذلك بل زعمت أن الرئيس المصري المُنتَخب قال إنه لم يحدد المملكة كأول دولة يزورها بعد فوزه رغم إعلانه قبل الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية أنه سيزور الرياض بعد تنصيبه رئيساً وسيؤدي العمرة إذا أتت به الصناديق رئيساً. وأمام هذه المعطيات، يمكن القول إننا بصدد محاولةٍ إيرانية للإيقاع بين السلطة الجديدة في مصر ودول الخليج عبر اختلاق تصريحاتٍ تتعارض مع الخط السياسي المصري المعهود، فالقاهرة، وإن تغيرت السلطة فيها، أكدت غير مرة أن العلاقة مع طهران تحكمها اعتبارات الأمن القومي لمصر والدول العربية، وهو نفس المعنى الذي أكده محمد مرسي، حتى قبل انتخابه رئيساً، حينما قال إن أمن مصر يرتبط ارتباطا وثيقا بالخليج العربي. وحسناً فعلت مؤسسة الرئاسة في مصر بإعلانها أمس أن الرئيس لم يدلِ بأي تصريحاتٍ لوكالة أنباء فارس أو يلتقِ أحداً من مراسليها في القاهرة، لتقطع الطريق على من حاولوا الوقيعة ولترسل رسالة طمأنة لمن أزعجتهم المزاعم الإيرانية. في الوقت ذاته، تبدو الإدارة المصرية الجديدة مُطالَبة خلال المرحلة المقبلة بالتأكيد على هذه المعاني في خطابها الخارجي للمساهمة في إرساء الاستقرار السياسي في المنطقة ومنع محاولات البعض التأثير على متانة العلاقات العربية والإسلامية مستغلين ظرف التحول الذي تعيشه مصر وما يتبعه من تغييرات تطالُ الأسماء والأفكار. إن مصر وهي تدخل مرحلةً جديدة من تاريخها تواجه تحدياتٍ عدة أبرزها ملف علاقاتها الخارجية خصوصاً أن رئيسها أتى لأول مرة من خارج المؤسسة العسكرية التي ساهمت طيلة عقود في حفظ استقرار المنطقة رغم ملاحظات المصريين على أدائها في ملفات أخرى، وهنا تكمن أهمية سير الإدارة الجديدة في القاهرة على نهجٍ متوازن يعلي مصلحة مصر إقليمياً دون تأثرٍ بأمانيّ طهران.