يبدو أن الأزمة التي نشبت بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء في تونس على خلفية قرار تسليم رئيس وزراء ليبيا السابق البغدادي المحمودي إلى بلاده تحولت إلى معركة صلاحيات بين مكونات الترويكا الحاكمة. فلم يكد ينته الجدل حول تسليم البغدادي المحمودي حتى فاجأ الوزير المكلف بالإصلاح الإداري محمد عبو الجميع بإعلان استقالته احتجاجا على محدودية الصلاحيات الممنوحة له. قال عبو، وهو الأمين العام لحزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» المشارك في الائتلاف الحكومي المكون من حركة النهضة الإسلامية وحزبي المؤتمر والتكتل من أجل العمل والحريات، إن «السبب الرئيس للاستقالة هو أن الحكومة رفضت القيام بدور الرقابة على الإدارات ورفضت التغيير في حين أنا أرى أن الإدارة التونسية تحتاج إلى التغيير باعتبارها ملآ بالفساد». تُعتبر هذه الاستقالة الأولى من نوعها التي تعرفها تشكيلة الحكومة التونسية المؤقتة التي أُعلِنَ عنها خلال شهر ديسمبر 2011 وفي رده عن سؤالنا له «هل للاستقالة علاقة بالصراع الدائر بين قرطاج والقصبة حول الصلاحيات؟ نفى عبو أن يكون لاستقالته أي علاقة بالنزاع حول الصلاحيات والذي تفجر إثر قرار تسليم البغدادي المحمودي. يرى عبو أنه من غير الأخلاقي استغلال هذا الظرف لضرب الاستقرار داخل الترويكا خصوصا مع اقتراب موعد الانتخابات». قال الوزير المستقيل في هذا الصدد «آمل ألا يؤثر هذا القرار على شركائنا في الائتلاف الحاكم في هذه الفترة الدقيقة»، وفي معرض رده على أسئلة الصحفيين أكد عبو أنه لا يمكن اعتبار قراره حملة انتخابية مبكرة، معلناً أن المنصف المرزوقي هو مرشح الحزب للانتخابات الرئاسية القادمة. إلا أن توقيت الاستقالة كانت له دلالات عديدة جعلت من قرار وزير الإصلاح الإداري جزءاً من أزمة سياسية شاملة متعلقة بتنظيم وتوزيع الصلاحيات أثناء الفترة الانتقالية.