استلمت مؤخراً رسالة على هاتفي الجوال تذكرني بأن اشتراكي في خدمة توصيل المياه المحلاة على وشك الانتهاء. لا عزيزي القارئ يجب أن لا يذهب تفكيرك بعيد و تعتقد أن هذه الخدمة مجانية، فهى في واقع الأمر ليست لتوصيل المياه المحلاة، بل لبيعها على من يشترك مع هذه الشركة التي توفر هذه المياه بسعر ستة ريالات للمتر المكعب. هناك شركات أخرى توفر المياه بجودة كما قيل لي أفضل ولكن التكلفة تصل إلى 20 ريال للمتر المكعب، وشركة أخرى يصل سعر المتر المكعب لديها إلى 40 ريال سعودي فقط لا غير!. يبدو لي أن الشركة الأولى هى التي تكتسح السوق لانخفاض سعرها ولكثرة انتشار شاحنات هذه الشركة التي يمكن رؤيتها في أحياء مختلفة من مدينة الخبر و على مدار ساعات اليوم الأربع والعشرين. بيتي الذي دفعت فيه أكثر من 1,5 مليون ريال و الذي لا أتخيل أنني كنت سأتمكن من شراءه يوماً بعد فضل الله إلا من خلال برنامج تملك البيوت الخاص بالشركة التي أعمل بها موجود في حي الواحة بالخبر. و هى منطقة ليست نائية و ليست مكتظة بالسكان، بل هى في طور التوسع وزيادة عدد السكان نظراً لانخفاض أسعار الأراضي فيه نسبةً للمناطق الأخرى في الخبر. حي الواحة لا يبعد عن محطة تحلية المياة أكثر من 10 كيلو مترات، و مع هذا لا تصل إلينا مياه البلدية، بل نضطر للإشتراك مع شركة تزعم أنها توصل لنا المياه المحلاة!. نفس هذا الحي و خلال فترة 21 شهراً التي أقمتها فيه لازال يعيش مشروع مستمر لم ينتهي بعد لتوصيل أنابيب الصرف الصحي إلى البيوت، و لازال السكان ينتظرون و يؤملون بأن يأتي اليوم الذي ينتهي فيه هذا المشروع على خير. هذا البيت في هذا الحي الموجود على أطراف الخبر أتذكر تماماً أنني دخلت بيت مماثل له في ذات المنطقة وبنفس مساحة الأرض و مساحة البيت و التصميم و التشطيب و مُنفذ من قبل نفس الشركة قبل حوالي الأربع سنوات حينها كان سعر البيت 950،000 ريال سعودي فقط لا غير. دفعت حوالي 600،000 ريال إضافية فقط لأن سعر الأرض زاد في الحي بصورة كبيرة. نفس الشئ يتكرر اليوم، فسعر الأراضي زاد حوالي 200 إلى 300 ريال على أقل تقدير بعد أقل من عامين، و بالتالي سعر البيوت المعروضة ارتفع أيضاً!. كل هذه الزيادات المطردة تحصل في بلد لا يعاني من قلة الأراضي الموجودة ولكن كما يبدو يعاني من احتكار الأراضي لدى قلة مع العلم أن الطلب على الأراضي و البيوت يتوقع أن يزداد لأننا بلد متوسط الأعمار فيه منخفض و ستحلم هذه الأجيال الجديدة ببيوتها الخاصة أيضاً. المفارقة العجيبة أن تباع أراضي بأسعار خيالية بالنسبة لدخل المواطن العادي و تجد أن المخطط لازال يفتقد إلى كثير من الأساسيات كتوصيل المياه المحلاة و الصرف الصحي. أين كانت البلدية حينما سمحت ببيع هذه الأراضي و تحويلها إلى مخططات سكنية!. القرارات الملكية الأخيرة لبناء نصف مليون وحدة سكنية ستسهم جزئياً في تخفيف المشكلة و لكنها لن تحل جذر المشكلة المتعلق بتملك قلة للعقار و تحكمها بأسعاره كما تريد. إنتهاء مشكلتي الشخصية مع موضوع العقار لا يعني بتاتاً أنه موضوع انتهي بالنسبة لي، فالمشكلة ليست متعلقة بفرد و لكن بوضع اقتصادي عام يعاني من تشوه سوق العقار المحلي و يمتد ضرره في أوجه كثيرة من الاقتصاد، لا تتوقف عند من لا يملكون بيوتهم.