هذه تساؤلات مهمة من واقع بحث عن الهوية الثقافية لطلاب المرحلة الجامعية في المملكة، ويحضرني ابتداءً ما قاله المفكر الدكتور محمد عابد الجابري الذي انتقل إلى رحمة الله منذ أشهر، يذكر في كتابه « العقل الأخلاقي العربي»: أن الأخلاق والقيم جزء أساسي من النسيج الاجتماعي نفسه في كل عصر وفي كل مكان، أما الكلام في القيم والأخلاق، وهي جزء من الذات، فقوامه أحكام قيمة، أحكام تستمد من الأخلاق والقيم نفسها. فأنت تحكم على الشيء أنه خير بناء على مفهومك للخير. في أحد المطارات العربية ولأنها من اهتماماتي الأدبية والتربوية ككاتبة لقصص الأطفال لفتت قصة للأطفال نظري وهي من الأدب الشعبي الخليجي، ولأنّ «مسز فلانه» التي رسمت رسومات القصة، لم تفترش الأرض طوال عمرها للأكل على البسيطة كسائر العرب رسمت للحطاب العربي وعائلته وهم يتناولون الطعام على طاولة رغم فقرهم وشح أحوالهم! إلا أن (الجنانوه) في أعلى النخل ساعدوه على الرزق السهل فما عليه إلا أن يطلب ويتمنى باعطائه قدحا سحريا ومائدة سحرية سرقها منه السلطان، ثم أعطوا الجان فأسا سحريا يلاحق به السلطان لينهال عليه بالضرب حتى رد ما سرقه للحطاب، وانتهت القصة أن الحطاب عاش بعمله الشريف أطلب وتمنى لتوفير الطعام لعائلته. وهكذا تدور أحداث القصة التي أشبه ما تكون بقصة رعب يراها الطفل في كل نخلة وسواطير وسحر وكسل. من نتائج بحث الدكتوراة الذي طبقته على مستوى المملكة: الهوية الثقافية لدى طلاب وطالبات المرحلة الثانوية» كانت عبارة: (يلعب الحظ دورا مهما في النجاح) التي حصلت على نسبة موافق (60%) فالعقل الذي لم يتغذَ بإدراكات واضحة لمفاهيم راسخة يكون أكثر تقبلا للأفكار الجديدة ببساطة ودون مناقشة، أفكار خاطئة لم يتوفر لها الدعم الفكري والتدريب على التفكير المنطقي. كإنشاء عقلية الأطفال على تقبل النتائج السعيدة بسهولة ويزيد من هذا إحساس الأجيال الشابة باليأس والحصار قد يؤدي بها إلى اعتماد عالم خيالي وهمي زائف لعدم غرس وعي بقيم كوسائل معينة لهم في هذه الحياة التي تحتاج إلى بناء مؤسس على فكر واضح ومدروس، لاموائد سحرية وسلاطين يسرقون من الحطابين أقداحهم السحرية! لذا قد يسقطون فشلهم على خيالات «كالحظ»وقد نوهت دراسة للرويتع 2002م أن بنود «القدر» قد خرجت على عامل آخر بعيدا عن بنود الحظ والصدفة وأن الأفكار اللاعقلانية والتحريف المعرفي من إفرازات الثقافة السعودية التي تركز على مساعدة من الآخر دون فعالية ذاتية ، وكذلك عدم رسوخ التفكير العلمي لدى العامة. وهي في النهاية أزمة قيم، ورحم الله المفكر الجابري.