خادم الحرمين بتلقائيته المعهودة وببساطته الفطرية لم يتمالك إلا أن يردّ ردَّاً بديهياً سريعاً على محدثه وهو يشرح له مشروع توسعة استاد مدينة جدة والمعروف باسم (استاد الأمير عبدالله الفيصل رحمه الله)، حيث سأل الملك عن تكلّفة المشروع فجاءه ردُّ المهندس بأنها تسعون مليون ريال، فردَّ الملك متعجباً: كم؟! فكرَّر المهندس بأنها تسعون مليون ريال، وعلَّق الملك تعليقاً عميقاً قائلاً: هذا رخيص. وهنا أقول إن التكلّفة والاعتمادات المالية لمشروعاتنا الأخرى هي الكثيرة، وأرقامها المبالغ فيها، حتى إننا بدأنا ننسى رقم المليون في المشروعات، وأصبحت المشروعات بالمليارات وعشرات المليارات. لماذا تكلفة مشروعاتنا كبيرة بل ومبالغ فيها؟ هناك العديد من التفسيرات لذلك من أهمها، التكليف المباشر للعديد من المشروعات الضخمة، فالتكليف يتم لشركتين أو ثلاث شركات في الأغلب، فمن الطبيعي أن تضع هذه الشركات شروطها (وهي تضع رِجلاً على رِجل) وللأسف أن وزارة المالية تعتمد العمل حتى لو كانت الجودة مخجلة ولعل أبرز مثال على رداءة تنفيذ بعض مشروعات هذه الشركات هي ما حدث في جامعة الملك عبدالله وتزامن مع الأمطار في رابغ العام الماضي، سبب آخر هو استعجال التنفيذ لمشروعات لا تستدعي الاستعجال وبالتالي تتضخم العقود بمبالغ فلكية مقابل الاستعجال الذي لا يشكل أية أولوية، وسبب ثالث هو تضخيم المشروعات بأشكال مبالغ فيها، وسبب رابع هو كثافة المشروعات بدون تنسيق في توزيعها على أجندة زمنية مناسبة مما تسبب في زيادة التكاليف نتيجة محدودية المقاولين، أدَّى ذلك أيضاً إلى ارتفاع أسعار مواد البناء الأساسية مثل الحديد والإسمنت والتكميلية أيضاً. لكن إذا أردنا أن نعرف السبب الحقيقي وراء تضخم تكاليف المشروعات فإنها الطفرة ووفرة الأموال التي تجعل الكثير من المسؤولين يريدون أن ينتهزوا الفرص للصرف حتى لو كان صرفاً غير ضروري ويمثل ذلك تجاوزات غير مهنية للمسؤولين!