خرج أبناء العم عبدالله علي وتوفيق حسين الشقاقيق، في 16 من شهر أبريل الماضي، من بلدتهما الرميلة 15 كيلومترا شرق مدينة الهفوف، في محافظة الأحساء، متجهين إلى لبنان في رحلة سياحية لم يكتب لها النجاح، ليتم اختطافهما منذ مغادرتهما المطار في بيروت، حيث مكثا ثمانية أيام داخل شقة، موزعين بين غرفهما ودورات المياه، إلى أن حررا في 23 من الشهر ذاته، واستقرا في المستشفى للعلاج، بعد إصابتهما بكسور وكدمات، وتعذيب كهربائي. رحلة سياحية تحولت لمأساة وروى المختطف توفيق حسين، ل”الشرق” تفاصيل رحلة الاختطاف، أمس، وقال كنت مع ابن عمي عبدالله، نتشاور بخصوص رغبتنا في رحلة سياحية لدولة عربية، بعد أن تقاعدنا من شركة أرامكو، فقررنا أن تكون لبنان وجهتنا، وكان مخطط رحلتنا يمتد أسبوعا، وحجزنا في 16 أبريل الماضي، وودعنا أهلنا على أمل العودة لهم محملين بالهدايا، ولكن عدنا بكسور وعذاب نفسي. الاختطاف بدأ من المطار وأوضح توفيق أنهما خرجا من مطار بيروت، لاستئجار”تاكسي”، وفعلاً استقبلنا أحد السائقين بلسان ناعم، وقال عندي شقة أفضل من الفندق وبسعر مناسب، وأخذتنا الثقة فيه، وذهبنا معه، ووضعنا أمتعتنا في الشقة، التي تقع في أطراف بيروت، وبعد خمس دقائق تقريباً، دخل علينا ثلاثة أشخاص، وادعوا أنهم من أفراد الأمن اللبناني، وفتشوا الشقة والأمتعة، بعدها قيدوا أيادينا، ووضعوا كل واحد منا في غرفة، هنا بدأنا ننهار نفسياً، وعرفنا أننا مختطفين وبين يدي عصابة لا ترحم. التعذيب اليومي وذكر أنه خلال فترة الاحتجاز في الغرف، التي دامت يوما، تعرضا للتعذيب عن طريق الصعق الكهربائي، والعصي والضرب بالأيدي، رغبة من العصابة في إجبارنا على الاعتراف بكل ما لدينا من أموال، مشيرا إلى أن العصابة العراقية تناوبت طوال الثمانية أيام عليهما دون نوم يذكر، واستمرت في تعذيبهما، وبعد الإرهاق سلمنا المختطفين كل ما لدينا من أموال، إلا أن ذلك لم يشبع نهم الخاطفين، فطلبوا فدية مائتي ألف دولار، وبعد الاسترحام تحولت إلى 150 ألف، ثم إلى مائة ألف دولار، واستولت العصابة على 11 ألف دولار منهما. تحويل مباشر من الشقة في اليوم الثاني أحضرت العصابة جهاز حاسب آلي محمول، وطلبوا من عبدالله وابن عمه الدخول على حسابيهما عن طريق الإنترنت لتحويل مبالغ إلى حساب أحد أفراد العصابة، وقمنا بتحويل أكثر من 48 ألف دولار، خلال ثلاثة أيام، بعدها قالوا إن العملية ستتأخر بهذه الطريقة، نريد المبلغ كاملاً، اتصلوا بأهلكم في السعودية ووفروا المبلغ، وإلا ستفقدان حياتكما، وفعلاً أحكموا شد الحبال على أيادينا وأدخلونا دورة مياه. الاتصال بالسعودية واستقبل ابن عمهما علي اتصالهما من بيروت، وكان المتصل المختطف عبدالله، في اليوم الخامس من العملية، الذي يصادف يوم جمعة، وقال علي تلقيت اتصال من ابن عمي وكانت طريقة حديثه مرتبكة، وتخلو من عبارات التحايا المعهودة، وطلب مني تحويل مائة ألف دولار لشراء شقة في بيروت، وكانت مختصرة جداً، ما أثار الاستغراب في حينه، فتعجبت من المكالمة، وفي اليوم الثاني تلقيت اتصالا آخر منه، وقال فيه “إذا لم تحول لنا المبلغ سنفقد حياتنا حالاً”، رغم أنني حاولت أن أفهم منهما تفاصيل القضية، فرفضا إعطائي أي شيء، لأن العصابة بجانبهما وتحت تهديد السلاح، وتسمع المحادثة عن طريق “السبيكر”. وقال علي، من خوفي عليهما عزمت على تحويل المبلغ على رقم حساب أحدهما، وذهبت لأحد البنوك في الأحساء، واستفسرت من الموظف، وقال إن تحويل مبلغ كبير كهذا إلى الخارج، فيه مخاطرة ومساءلة، فاخترت أن أحوله على دفعات، إلا أن ذلك لم يتم. إبلاغ السفارة وبالمشاورة مع الإخوان رأينا تحويل المبلغ إليهما عن طريق عدة حسابات، وخلال الفترة اتصلنا بالسفارة وأخبرناها بالأمر، فتم الترتيب الأمني معها، فأوهمنا الخاطفين بأنه تم تحويل المبلغ على حساب شخصين من أفراد العصابة بحسب طلبهم على شكل حوالة، وكان ذلك يوم الإثنين ما قبل الماضي، وذهبوا إلى البنك ولم يجدوا المبلغ، فعاود عبدالله الاتصال معي، وبجانبه العصابة، وقال :”يقولون أنه لم يتم التحويل، فقلت لهم الآن الساعة التاسعة، والبنوك تفتح بعد نصف ساعة”، وطلبنا منهم مهلة مدة ساعة، بغية الترتيب مع الجهات الأمنية، بعدها توجهت القوات الأمنية اللبنانية إلى البنك قرابة الساعة الثالثة عصراً، وتم القبض على العصابة. يوم التحرير في اليوم الثامن 23 أبريل، ذهبت العصابة إلى استلام المبلغ من البنك، ونحن داخل دورة المياه المعتمة، مكثنا فيها لمدة ساعتين تقريباً، وطرقنا الباب أكثر من مرة، دون أن يستجيب لنا أحد، بعدها كسرنا الباب بآلة حادة، وخرجنا بسلام، فلم نجد أحدا من العصابة في الشقة، ولكن بابها مقفل ومحكم تماماً، رأينا جوالاتنا ملقاة على الأرض، أخذناها وفكرنا في الهرب بسرعة، قبل عودة العصابة، ونحن نسكن في الدور الأول، فلم نجد سوى القفز من شرفة الشقة، على ارتفاع خمسة أمتار، وكان ذلك أخف الضررين، وتسبب قفزنا بكسر يدي عبدالله وإصابة في الظهر، وتضررت قدمي اليمنى. الحبو إلى الشارع ولأننا فرحون بالنجاة لم نشعر في حينها أننا مصابون بالكسور، إلا بعد فترة، وازداد الألم فلم نستطع السير، إلا حبواً تارة، وزحفاً تارة أخرى، فوصلنا إلى منطقة أمان في شارع يبعد عن الشقة 150 مترا تقريباً، ونقلنا إلى المستشفى عن طريق الإسعاف بعدما تم الاتصال بالسفارة، وأظهر الأمن اللبناني تعاوناً كبيراً في تلك اللحظة، وتم التعرف على الشقة قبل ذهابنا إلى المستشفى ليتولوا هم بقية المهمة. التغذية في الشقة وأكد توفيق أن أفراد العصابة استولوا على مبالغهما، ومنها كانوا يشترون لهما ولهم الغداء والعشاء، إلا أن المعاناة النفسية جعلتنا لا نقبل على الأكل، وأفراد العصابة كانوا يستأثرون بثلاثة أرباع الطعام، فكانوا يطلبون الوجبات ويأكلونها هم، أما نحن فلم يسمح لنا التعب النفسي بالأكل لأننا كنا خائفين، ونفكر في أهلنا هناك، وما يعتريهم من حزن وهلع على مصيرنا. استقبال بالرياحين والنقود وفي منزلهما اكتظ المستقبلون من الأهالي والأصدقاء، ونثرت العائلة الرياحين والنقود على رأس توفيق، بينما اختار الشباب ملء الجو المحيط بالمنزل بالمفرقعات، إلا أن الفرحة لم تكتمل، فهناك من يرقد في مستشفى أرامكو بالظهران، وهو الحاج عبد الله، الذي كسرت يداه وفقرة في ظهره، وطوال ليل أمس، لم تهدأ الاتصالات على العائدين وأهلهما من قبل أصدقائهما ومعارفهما. شكرا لسفارة خادم الحرمين وقدم المواطنان وأهلهما شكراً من أعماق قلبيهما لسفارة خادم الحرمين الشريفين في بيروت، على حسن تعاملها مع الموقف، وترتيب كافة إجراءات السفر، والمتابعة من بداية الاختطاف وحتى التحرير، وقال المختطف توفيق إن السفير السعودي علي عسيري قدم خدمات لنا فاقت التوقعات، وهذا الرجل وضعه خادم الحرمين الشريفين في مكانه المناسب، فله منا الشكرالجزيل الذي لايحصيه إلا الله تعالى. الشقة التي شهدت الواقعة توفيق بين والده وأقربائه عبدالله في مجلسه بين مستقبليه أول أمس (الشرق) علي مفاوض المختطفين السفير السعودي علي عسيري خلال استقباله توفيق وعلي المفاوض