أحب السفر عن طريق البر سواء للعمرة أو لزيارة المدن السياحية. والسفر عن طريق البر تجربة ممتعة لمن يرغب بالسياحة الداخلية والتجوال بعيداً عن صعوبة الحجوزات وتأخر الرحلات وعناء الانتظار بالمطارات. ولكن السفر عن طريق البر يصطدم بعدد من المعوقات التي تحوله إلى كابوس مرعب يحد من الرغبة فيه. فسوء الخدمات المقدمة في معظم محطات البنزين والمرافق والاستراحات المنتشرة على الطرق البرية والسريعة بين المدن يجعل من السفر بالسيارة أمراً مليئاً بالصعوبات والعقبات. وما يعده الناس أمراً مزعجاً للغاية أن دورات المياه في محطات البنزين تفتقر لأبسط مقومات النظافة والصيانة، وكذلك المساجد الملحقة بالمحطات. ولن أنسى ما حييت منظر دورة المياه في إحدى المحطات التي مررنا بها في طريقنا لأداء العمرة العام الماضي. كانت جدرانها مليئة بالكتابات البذيئة، وكان الذباب يطير في كل أركانها. أما المسجد فكان عبارة عن غرفة كئيبة لا تشعرك بأنه مكان صالح للعبادة. ولم تكن تتوفر فيه النظافة بل كانت تغطي أرضيته قطعة موكيت بالية يعلوها الغبار، كان المكان يعاني من إهمال شديد. أما الغرف المخصصة للاستراحة وتناول الطعام فكانت تحتوي على أسرة محطمة ومفارش ممزقة وجدران تعلوها ذكريات المسافرين وعبارات نابية. إن الوضع الحالي لكثير من المرافق الموجودة على امتداد الطرق في بلادنا يعد كارثيا ولا يمثل الواجهة الحضارية للمملكة ومواطنيها، ولا يشجع على السياحة الداخلية، ويظهر بلادنا بمظهر الدولة الفقيرة. هذا الانحدار الشديد في الخدمات وسوء العناية بالمرافق على الطرق البرية يطرح علامات استفهام وتعجب كبيرة حول جهود الجهات الرقابية المختصة وغياب المتابعة من قبل المسؤولين سواء من البلدية أو هيئة السياحة. وقد آن الأوان أن تكون المحطات والاستراحات أماكن تمثل واجهات حضارية بدلا من حالة التخلف التي تعيشها، وأن تقدم من خلالها خدمات ترقى لمستوى البشر.