الفوز الساحق الذي حققه الجنرال شاؤول موفاز مؤخرا في انتخابات قيادة حزب كاديما في إسرائيل ربما شكل بداية النهاية للحكومة الإسرائيلية الحالية، التي يرأسها نتنياهو ويتولى حقيبة الدفاع فيها إيهود باراك. موفاز هزم رئيسة الحزب السابقة تسيبي ليفني بهامش كبير (62-38). بعد لحظات من فوزه، أعلن موفاز عن خطته بالضغط من أجل إجراء انتخابات مبكرة. كما أعلن أيضا معارضته الشديدة لأي عمل عسكري إسرائيلي أحادي الجانب على إيران. الجنرال موفاز ليس داعية سلام ليبرالي. وقد أوضح أنه لن يسمح لإيران تحت أي ظرف بأن تمتلك قنبلة نووية. لكنه أوضح أن الأمر يعود للولايات المتحدة للتعامل معه وليس لإسرائيل وحدها. وهناك وقت لاختبار الدبلوماسية والعقوبات قبل القيام بعمل عسكري. على أساس تلك السياسة، يتطلع موفاز إلى أقرب فرصة ممكنة لإجراء انتخابات مبكرة وطرد نتنياهو وباراك من السلطة. وهو قد يتمكن من فعل ذلك. هناك حس متصاعد بين غالبية الإسرائيليين أن السنة الماضية كانت كارثية لوضع إسرائيل في العالم، ويتحمل نتنياهو وباراك اللوم على ذلك. بتهديد المؤسسة العسكرية الأمريكية بأن إسرائيل قد تقوم بهجوم عسكري وقائي أحادي الجانب ضد منشآت إيران النووية، تسبب نتنياهو وباراك بصدع مع البنتاجون ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ربما يحتاج إلى سنوات لإصلاحه. هذا الصدع كان ظاهرا للعلن عندما زار رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال بيني جانتز واشنطن في أوائل شهر مارس واستلم تحذيراً حاداً من نظيره الأمريكي، الجنرال مارتن ديمبسي، بألا تشن إسرائيل هجوما أحادي الجانب على إيران، في اليوم الذي التقى فيه الجنرالان، نشرت صحيفة نيويورك تايمز نتائج مناورات عسكرية أمريكية سرية، استنادا إلى هجوم وقائي إسرائيلي على إيران. المناورات التفصيلية التي استمرت أسبوعين، التي جرت بإشراف القيادة المركزية العسكرية الأمريكية، وصلت إلى نتيجة مفادها أن الهجوم العسكري الإسرائيلي على إيران سيؤدي إلى مقتل مئات الجنود الأمريكيين في الأيام الأولى بعد القصف الإسرائيلي. الجنرال ديمبسي هدد نظيره الأمريكي بأنه ستكون هناك دماء أمريكية على الأيادي الإسرائيلية، وستكون النتائج قاتلة بالنسبة للعلاقات الأمريكية-الإسرائيلية. الجنرال ديمبسي كان يعرف أنه، بوجود مائة ألف جندي أمريكي في أفغانستان، وبوجود الأسطول الأمريكي الخامس في البحرين، ومقر القيادة المركزية في الدوحة، سيكون العسكريون الأمريكيون من بين أول الأهداف للرد الإيراني. ضباط الجيش والبحرية الأمريكيين الذين أمضوا حياتهم المهنية في مسرح القيادة المركزية، الممتدة من شمال إفريقيا إلى جنوب آسيا، يقدرون عاليا وجهات نظر واحتياجات حلفاء أمريكا من الدول العربية. إسرائيل ليست حتى جزءا من القيادة المركزية. علاقات أمريكا العسكرية مع إسرائيل يتم التعامل معها من خلال القيادة الأوروبية. نتنياهو وإيهود باراك تسببا بنفور البنتاجون ووكالة الاستخبارات المركزية بتهديداتهم المستمرة لقصف إيران دون حتى إعطاء الولاياتالمتحدة إنذارا مسبقا. رفض التفاوض مع السلطة الفلسطينية، استمرار توسعة المستوطنات غير الشرعية في المناطق المحتلة، استئناف القصف بانتظام على قطاع غزة، والانسحاب مؤخرا من لجنة حقوق الإنسان في الأممالمتحدة في جنيف، عمقت عزلة إسرائيل عن حلفائها السابقين في أوروبا. تلك العزلة ظهرت بقوة عندما صوتت ألمانيا لصالح قيام اللجنة الدولية لحقوق الإنسان بالتحقيق في استمرار توسيع المستوطنات الإسرائيلية بصورة غير مشروعة في الضفة الغربيةالمحتلة. الدولة الوحيدة التي صوتت ضد القرار هي الولاياتالمتحدة. حتى وقت قريب، كان يبدو أن بنيامين نتنياهو لا يمكن هزيمته. إيهود باراك حطم عمليا حزب العمل من خلال التحالف مع نتنياهو وترك الحزب من أجل الحفاظ على عمله كوزير للدفاع. بقيادة تسيبي ليفني، كان حزب كاديما أضعف من أن يشكل تحديا جديا لتحالف نتنياهو اليميني. لكن ذلك تغير الآن. التحدي الحقيقي الذي يشكله موفاز لتحالف نتنياهو-باراك يمكن أن يسقط الحكومة الحالية. قد يكون ذلك جيدا لإسرائيل، جيدا للمنطقة، وجيدا للولايات المتحدة. هناك شعور متصاعد في الولاياتالمتحدة بأن إسرائيل بقيادة نتنياهو قد عبرت الخط وأنها تعرض منطقة الشرق الأوسط بكاملها للخطر. صحيفة نيويورك تايمز نشرت مؤخرا مقالة عن نتنياهو وإيهود باراك رسمت لهما صورة غير جيدة. المقالة صورت نتنياهو على أنه مصاب بوسواس التعصب، وأنه يعيش في عالم من الأحلام، لكنه أجبن من أن يبدأ صراعا إقليميا. الصحيفة صورت باراك كانتهازي يمتلك الشجاعة التي يفتقدها نتنياهو. مع بعضهما، يستطيع الرجلان أن يبدآ حربا غير منطقية يمكن أن تسبب حربا عالمية. ذلك النوع من سياسة حافة الهاوية هو شيء يتمنى غالبية العرب والإسرائيليين أن يتجنبوه.