مع افتتاح جلسات المجلس الوطني التأسيسي المنبثق عن أول انتخابات حرة نظمت في 23 تشرين الأول/أكتوبر، تنطلق اليوم الثلاثاء في تونس مسيرة جديدة من تاريخها السياسي وصفحات الديمقراطية، والمتمثلة أساساً في وضع دستور جديد للبلاد والإشراف على السلطتين التنفيذية والتشريعية. وفي معرض تعليقه على حدث انعقاد المجلس التأسيسي نقلت “فرانس برس” عن أحمد المستيري قوله : إن “هذا الحدث يمثل استقلالاً ثانياً لتونس”. وأضاف المستيري المعارض التاريخي للرئيس الراحل الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي والشخصية السياسية المعروفة من زمن النضال من أجل استقلال تونس عن فرنسا في 1956 “إنه يرمز إلى قطيعة مع النظام القديم وإرساء نظام شرعي”. وتنطلق جلسة اليوم برئاسة أكبر الأعضاء سنا وبمساعدة أصغر الأعضاء سناً أيضاً، ويتم في بدايتها اختيار رئيس المجلس “بن جعفر مبدئيا” ونائبيه لتنطلق إثر ذلك فعلياً جلسة المجلس بالاتفاق على النظام الداخلي لعمل المجلس ثم تنظيم السلطة خلال المرحلة الانتقالية الجديدة. وتعتمد سرعة انجاز الوثيقتين على مدى التوافق بين الأغلبية في المجلس. ورغم وجود العديد من المقترحات والنصوص الجاهزة التي أعدها خبراء أو قوى سياسية ونقابية، فان الكلمة الفصل تظل للمجلس صاحب السيادة الذي يمكن أن يحسم الأمور بالتوافق أو بالتصويت عند الاقتضاء. كما يعين المجلس التأسيسي رئيساً مؤقتاً جديداً “منصف المرزوقي مبدئياً” خلفاً للرئيس الحالي فؤاد المبزع. وبعدها، يكلف الرئيس الجديد من تتفق عليه الغالبية في المجلس “حمادي الجبالي مبدئياً” تشكيل حكومة جديدة للمرحلة الانتقالية الثانية منذ الإطاحة بنظام بن علي. وتبقى الحكومة المؤقتة الحالية تتولى تصريف شؤون البلاد لحين تسليم سلطاتها إلى الحكومة الجديدة. وفي مقابل الأغلبية المكونة من النهضة والمؤتمر والتكتل (138 مقعدا) اختار الحزب الديمقراطي التقدمي (16 مقعدا- يسار وسط) والتجمع الحداثي الديمقراطي (5 مقاعد) وهو ائتلاف بقيادة حزب التجديد (الشيوعي سابقاً)، أن يكونا في المعارضة. وتتمثل المهمة الأساسية للمجلس الوطني التأسيسي، المكون من 217 عضواً ويهيمن عليه تحالف ثلاثي مكون من حزب النهضة الإسلامي (89 مقعدا) وشريكيه حزب المؤتمر من أجل الجمهورية (29 مقعداً- يسار قومي) وحزب التكتل من أجل العمل والحريات (20 مقعدا- وسط يسار)، في وضع دستور “الجمهورية الثانية” في تاريخ تونس منذ استقلالها في 1956 ليحل محل دستور 1959. وحصل اتفاق مبدئي بين الأحزاب الرئيسية الثلاثة في المجلس نهاية الأسبوع الماضي بشأن توزيع الرئاسات الثلاث “رئاسة المجلس التأسيسي ورئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة”، غير أن الأمر لا يزال يحتاج إلى تصديق المجلس الوطني التأسيسي. وبحسب هذا الاتفاق سيتولى مصطفى بن جعفر زعيم التكتل رئاسة المجلس التأسيسي ومنصف المرزوقي زعيم المؤتمر رئاسة الجمهورية وحمادي الجبالي الأمين العام لحزب النهضة رئاسة الحكومة المقبلة. ومن القوى الأخرى الممثلة في المجلس التأسيسي “حزب المبادرة” بزعامة كمال مرجان آخر وزير خارجية في عهد بن علي (5 مقاعد) وحزب “آفاق تونس” (ليبرالي-4 مقاعد) وحزب العمال الشيوعي التونسي (3 مقاعد) وحركة الشعب (قومي عربي-مقعدان) وحزب الديمقراطيين الاشتراكيين (وسط-مقعدان). وتتوزع المقاعد ال16 المتبقية بين أحزاب صغيرة وقائمات مستقلة بمعدل مقعد واحد لكل منها. وأعلن زعيم “العريضة الشعبية” هاشمي الحامدي رجل الأعمال التونسي المقيم في لندن، عبر قناته “المستقلة” أنه “جمد نشاطه السياسي في تونس” ولم يصدر أي تعليمات لنواب العريضة الذين أعلن بعضهم خروجهم عنه. ويذكر أنه من المقرر أن تعقد أولى جلسات المجلس التأسيسي صباح هذا الثلاثاء في قصر “باي تونس” سابقاً ومقر مجلس النواب السابق بضاحية باردو غرب العاصمة. الثورة التونسية | تونس | ديمقراطية