بدات الثلاثاء في العاصمة التونسية اعمال الجلسة الاولى للمجلس الوطني التاسيسي الذي سيكتب صفحة جديدة من تاريخ البلاد تتجسد بالخصوص في وضع دستور "الجمهورية الثانية" منذ استقلال تونس في 1956. واعتبر منصف المرزوقي زعيم حزب المؤتمر من اجل الجمهورية والمرشح لرئاسة الدولة مساء الاثنين ان المجلس التاسيسي التونسي سيقيم "اول جمهورية حقيقية في البلاد العربية" بعد عصر "الجملكيات" او الجمهوريات الملكية. واعرب راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة الاسلامي عن سعادته البالغة باجتماع "اول مجلس تاسيسي منتخب ديمقراطيا". وقال لوكالة فرانس برس "انا مفعم بالغبطة ونحن سعداء جدا والشكر لله وللشهداء والجرحى ولكل الذين ناضلوا من اجل هذا اليوم العظيم التي لقيت من اجله اجيال حتفها". واعتبر الغنوشي ان تونس تعيش "يوما عظيما نرى فيه مجلسا تاسيسيا منتخبا وتعدديا". وقال عميد السن طاهر هميلة بعد ان اعلن افتتاح الجلسة امام اعضاء المجلس ال217 في قصر باردو، مقر مجلس النواب السابق غرب العاصمة، "في هذه اللحظة التاريخية نضع حجر الاساس للجمهورية الثانية من اجل دولة الحرية والعدل والكرامة التي ستحقق اهداف الثورة" التونسية. وانشد الحضور النشيد الوطني التونسي وتلوا الفاتحة على ارواح شهداء الثورة التونسية. من جانبه قال الرئيس التونسي الموقت فؤاد المبزع في كلمة له في الجلسة الافتتاحية ان "تونس تقدم اليوم على مرحلة تاريخية جديدة حبلى بالامال والانتظارات والتطلعات المشروعة". وبعد الجلسة الافتتاحية برئاسة عميد السن ومساعده، وهو اصغر الاعضاء سنا، تعلق الجلسة قبل انتخاب رئيس المجلس التاسيسي ونائبي الرئيس ثم البدء في الاتفاق على نظام المجلس الداخلي والتنظيم المؤقت للدولة (الدستور الصغير) لحين وضع الدستور الجديد. وقد اتفقت الاحزاب الرئيسة الثلاثة في المجلس (النهضة 89 مقعدا والمؤتمر 29 مقعدا والتكتل 20 مقعدا) على ترشيح زعيم التكتل مصطفى بن جعفر (71 عاما) لرئاسة المجلس الوطني التأسيسي. وكانت هذه الاحزاب التي تشكل غالبية في المجلس اتفقت على ترشيح منصف المرزوقي (66 عاما) زعيم المؤتمر من اجل الجمهورية لرئاسة الجمهورية والامين العام لحزب النهضة حمادي الجبالي (62 عاما) لرئاسة الحكومة الانتقالية الجديدة. كما توافقت على توزيع الحقائب الوزارية، بحسب العديد من المصادر الحزبية. وقبل انطلاق الجلسة الاولى تجمع بضع مئات من المتظاهرين ومن ممثلي بعض جمعيات المجتمع المدني واسر الشهداء امام قصر باردو مطالبين بالاهتمام بملف اسر الشهداء والجرحى مطالبين ايضا بعدم المساس بالحريات وتحديدا قوانين المراة التقدمية في تونس. وتتمثل مهمة المجلس التاسيسي اساسا في وضع دستور جديد يحل محل دستور 1959 وايضا الاشراف على السلطة التنفيذية وتولي التشريع لحين تنظيم انتخابات عامة في ضوء الدستور الجديد المتوقع الفراغ منه في غضون سنة. ورغم وجود العديد من المقترحات والنصوص التي اعدها خبراء او قوى سياسية ونقابية، فان الكلمة الفصل تظل للمجلس صاحب السيادة الذي يمكن ان يحسم الامور بالتوافق او بالتصويت عند الاقتضاء. وسيتولى المجلس التاسيسي اختيار رئيس موقت جديد خلفا للرئيس الحالي فؤاد المبزع. وبعدها، يكلف الرئيس الجديد من تتفق عليه الغالبية في المجلس تشكيل حكومة جديدة للمرحلة الانتقالية الثانية منذ الاطاحة بنظام بن علي. وتبقى الحكومة الموقتة الحالية تتولى تصريف شؤون البلاد لحين تسليم سلطاتها الى الحكومة الجديدة. وفي مقابل الاغلبية المكونة من النهضة والمؤتمر والتكتل (138 مقعدا) اختار الحزب الديمقراطي التقدمي (16 مقعدا- يسار وسط) والتجمع الحداثي الديمقراطي (5 مقاعد) وهو ائتلاف بقيادة حزب التجديد (الشيوعي سابقا)، ان يكونا في المعارضة. وبدأت مشاورات بين بعض القوى لتشكيل جبهة معارضة. ومن القوى الاخرى الممثلة في المجلس التأسيسي "حزب المبادرة" بزعامة كمال مرجان، آخر وزير خارجية في عهد بن علي، (5 مقاعد) وحزب "آفاق تونس" (ليبرالي-4 مقاعد) وحزب العمال الشيوعي التونسي (3 مقاعد) وحركة الشعب (قومي عربي-مقعدان) وحزب الديمقراطيين الاشتراكيين (وسط-مقعدان). وتتوزع المقاعد ال16 المتبقية بين احزاب صغيرة وقائمات مستقلة بمعدل مقعد واحد لكل منها. ومن بين ابرز القضايا التي سيتناولها المجلس الوطني التاسيسي طبيعة النظام الجديد في تونس وصلاحيات سلطاته المختلفة. وتطرح بعض القوى تبني النظام البرلماني وقوى اخرى النظام الرئاسي المعدل او نظام مختلط.