مثل برميل (زفت) عملاق زاغ من أيدي الحمّالين متدحرجاً لمستقرٍ له، اعترض طريقي شابٌ مترهل لحيمٌ بشارع أضيق من عيون آسيوية بفضل الباعة الذين افترشوا المساويك وكريمات تبييض الوجوه وتضييق فتحة الأنف اليُسرى وحُقن ترقية المؤخرات وتأهيل مقدمات ابن خلدون ودهانات استصلاح أراضي الصلعة بنبات الشعر الأسود المتوسط التيلة. ما علينا.. كان (التخريم) من الشاب صعباً كما يقول سائقو السيارات، فلم أجد غير أن أسايره في بطء من يخشى عودته المفاجئة للخلف، عساه يتوقف في أقرب تقاطع طريق بشري لأطلق لساقيّ العنان. كان الشاب (ينتعل) في نصفه الأعلى الذي يشبه جسم السد العالي قميصاً نسائياً ملّوناً كُتب عليه بحروف إنجليزية بارزة: (افعلها الآن)، فيما تتبادل يُمناه ويُسراه طرف حزام بنطاله مع كل خطوة، كي لا يتجرأ البنطال ويرتفع فوق مستوى البحر. بحر المؤخرة التي فاضت على جنباته، كأنه يتعمّد تبخّرها بفضل الحرارة والهواء وأشعة الشمس والعيون والظنون. خلّي بالك.. من أعراف السجون الأمريكية والدنيا مجتمعة، أن يجّرد الحرّاس مساجينهم من أحزمة «البناطلين» خوفاً من استخدامها (زي العقال)، في الضرب والشنق والانتحار. وبطبيعة الحال، خرجت أجيال من منتعلي «البناطلين» (الطايحة) من سجونها معترضين أذواق الأسوياء ومعرّضين مؤخراتهم لأشعة الشمس، ولم يكن في خيالهم قط، أن يحذو حذوهم من يذهب للحرم المكي متبتلاً في بنطال (طيّحني) و(سامحني يا بابا) و(ارفعني) و(اديني حُقنة) وغيرها! كيف تجمع حكوماتنا جمارك الملابس المتهتّكة بيمين، وغرامات من يرتدونها في خزينة واحدة، ثم تنفق بعضها في حملات التوعية الوطنية والبنطالية و(تسرق الباقي)؟!