سليمان العلويط قد يكون سبب اختراع العرب للصفر هو محصلة حتمية، نتيجة للتعامل مع الحسابات والأرقام وتعقيداتها، فالعرب يدخلون أنفسهم دائماً في دائرة الحسابات المعقدة بدلاً من حسم الأمور لصالحهم. يقول الخبر إن المركز العربي للدراسات الدولية بباريس أصدر مجلة علمية أطلق عليها اسم «الصفر» ويبرر الخبر السبب في تسمية المجلة بذلك الاسم: بأن الصفر هو أساس العلوم الحديثة، ولولاه ما بلغت هذه العلوم ما بلغته من تقدم وازدهار. ويستمر الخبر قائلاً: والحضارة الحديثة مدينة للعرب الذين اخترعوا الصفر في الحساب، هذا الصفر المعدوم حجماً ووزناً، والهائل قيمةً وفكراً. والذي لا يمكن أن تحصى فوائدة. انتهى الخبر. ونحن نقول عظيم أن عُرِف أخيراً قيمة الصفر، فمنذ نشأتنا ونحن نعاب بالصفر، في البيت يقال للأبناء هذا صفر أو صفر على الشمال؛ لا فائدة منه؛ وفي الدراسة حيث تكثر الأصفار؛ يعلو صوت المعلم وهو يقول فلان (...) الدرجة أو العلامة صفر، عند قراءته لنتائج الاختبارات، وعلى مسمع من التلاميذ. حتى المعلم لم يتردد في نطق الصفر علانية، وفي ذلك ما فيه من التجريح. ولو علم التلميذ أن هذا الصفر مهم، وأنه بداية كل شيء، لنهض احتراماً للمدرس وشكره على إعطائه الصفر! والصفر في اعتقادنا الفكري مهم للغاية. لأن الإنسان سيتعامل مع الصفر سلباً أو إيجاباً، ولأن الصفر في مفهومنا السابق هو مجرد صفر لا شئ، لا قيمة له، ولأنه في مفهومنا الحاضر هو ذو قيمة وذو وزن، فإن الصفر قد فرض ويفرض نفسه علينا رضينا أم أبينا. وعليه فإن مسخ وجود الصفر من مخيِّلاتنا وعقولنا هو تصرف غير عادل. وبناءً على ذلك أعيدوا للصفر أهميته المعنوية. والصفر في اعتقادنا العملي، أو لنقل مكانة الصفر عملياً هي مهمة، وإن خالج الشك أحدنا فليسأل محاسباً أو صرافاً، وإن قدم الصفر إلى اليمين مع أرقام أخرى زادت «الحسبة» وإن ألغي الصفر اختلف الحساب واختلطت الأوراق. وللصفر مواقع معروفة، فإن احتل الوسط أو اليمين فهو صفر «مليان» وإن اتجه للناحية الشمالية، أي إلى اليسار، فلا تنظر إليه البتة، إلا في حالة واحدة، كأن يكون مفتاح خط تليفون لمنطقة أو دولة ما! ونعود للخبر، حيث أفاد أن الحضارة الحديثة مدينة للعرب الذين اخترعوا الصفر في الحساب. وأتساءل لماذا اخترع العرب الصفر أو لماذا ركزوا على الصفر دون غيرهم؟! ولربما كان العرب الأوائل أحكم وأبعد نظراً من غيرهم. لذلك انتبهوا للصفر، أو ما ساعد على وجود الصفر، حتى اخترعوه وهم يدركون فائدته للأجيال المقبلة. أو أن غيرهم لم ينتبهوا لما يدل على الصفر، أو أنهم احتقروا ذلك الرقم الصغير فلم يدركوا أهميته وتركوه لغيرهم. وقد يكون سبب اختراع العرب للصفر نتيجة للتعامل مع الحسابات والأرقام وتعقيداتها. وعملية نتيجة تأخرهم في حسم الأمور ولذلك يظهر السيد «صفر» بين بعض العرب الأوائل قبل غيرهم. صفر آخر موضة: ولمن يستاء من الصفر القديم، فلا حرج بعد الآن فإن أجهزة الحاسوب بأشكالها وأنماطها الموجودة تستطيع رسم الصفر لك كيف تشاء؛ إما بالألوان أو بالعادي أو حسب الطلب. وقد يكون هناك من يرغب في التعامل بالصفر الحديث نظراً لدقته ورونقه؛ ولا يحبذ التعامل بالصفر القديم الذي كان يضعه المدرس بقلمه الأحمر المخيف! لله در هذا الصفر، رفع أناساً وأسقط آخرين. وأثرى أناساً وأدخل البعض السجون. ولا تحتقروا الشيء صغر أو كبر، فالمغزى في القيمة والجوهر، لا في الشكل أو المظهر.