يستقبل ساعد الحارثي اتصالا من ابن أخيه ليخبره أنه في طريقه إلى المنطقة للزيارة والسلام، فيستعد – كما هو متوقع – لضيفه بوليمة تعبر عن ترحيبه بضيفه، فهذه أول مرة يقدم إليهم منذ التحاقه بإحدى الكليات العسكرية في الرياض، ولضيق الوقت يتجه ساعد إلى أحد المطاعم القريبة لتأمين الذبيحة مع طبخها في المكان نفسه. ويفاجأ ساعد أن عليه دفع ثلث راتبه (ألفي ريال ) ثمنا لهذه الوجبة، بينما لا يملك سوى 1500 ريال، فعرض صاحب المطعم على ساعد خيارات تتمثل في طلب» نصف» أو» ربع» ذبيحة لا تتجاوز قيمتها 1200 ريال مع كامل تجهيزاتها، وبارتفاع قيم الذبائح إلى أكثر من ثلاثة أضعاف، باتت خيارات «التجزيء» ضرورة لابد منها لقوائم طعام السعوديين.ويقول عيسى طباخ في إحدى مطابخ الذبائح «قبل خمس سنوات لم يكن أحد يجرؤ على طلب نصف أو ربع ذبيحة، خاصة إذا كانت معدّة للضيوف، بل كان الزبون دائما يوصي باختيار ذبيحة سمينة، طمعا في وجاهته أمام ضيوفه، وخلال السنتين الأخيرتين زاد الطلب على أنصاف وأرباع الذبائح، بل بات بعض الزبائن يطلب تقطيعها على الصحن لإخفاء حجم الذبيحة الحقيقي».ويذكر سالم با دحمان أن إكرام الضيف بات يوقع الإنسان في حرج عند زيارة أقاربة من مدينة أخرى، كونه مضطراً لإقامة وليمة مناسبة، وقد أصبحت مكلفة كثيرا لا سيما مع ارتفاع الأسعار، و تكفل الخيارات الجديدة في تجزيء الذبيحة أن يؤدي بها المستضيف واجب الضيافة، ويشاركه الرأي ابن عمه علي، فيقول» أخذ الضيف إلى أحد المطاعم الفارهة، وإكرامه باختيار مالذ وطاب من قائمة الطعام، ربما يكلف المستضيف القيمة ذاتها ل «ربع» الذبيحة، منوهاً إلى أن من يرفع أو يخفض قيمة الذبائح هم الناس بحسب قلة أو زيادة الطلب عليها.ويقول سعيد الكريش والذي يملك فناءً صغيراً يربي فيه الماشية بغرض التجارة أن عوامل كثيرة ساهمت في رفع أسعار المواشي، منها قلة الاستيراد، وندرة الأمطار، فضلاً عن المضاربة في الأسعار، واستغلال حاجة الناس إلى هذه السلعة الأساسية، مبيناً أن كثيراً من المطاعم والمطابخ تأتي» ليلا» إلى السوق، لتشتري الشياه الهزيلة أو المريضة بأسعار زهيدة خلسةً، ثم تقدمها للزبائن بأسعار رخيصة.