شهدت إيران قبل أيام وقوع عمليتين إرهابيتين استهدفتا مجلس الشورى الإيراني وقبر الخميني. وقد تبنت داعش هاتين العمليتين الأخيرتين في أول اعتداء لها في إيران. إن المتأمل في أحداث وتفاصيل وقوع الحدثين وبالرجوع تاريخياً إلى تجارب إيران السابقة خلال عقود حكم الملالي في طهران، يدرك كيف تخطط وتدبر مثل تلك العمليات الإرهابية برعاية الأجهزة الإيرانية نفسها، حيث تقوم بتدبيرها لغايات ومصالح تتعلق بسياسة طهران الخارجية مع بعض الدول أو لاستخدامها مع المعارضة الإيرانية، وقد كشفت السنوات الماضية تورط الأجهزة التابعة للنظام الإيراني وضلوعها في العمليات الإرهابية التي تقع داخل إيران أو خارجها. اللافت بعد وقوع الحدثين سرعة مبادرة النظام الإيراني باتهام الولاياتالمتحدة والسعودية وأن لهما دورا واضحا فيما حدث، وتعهد الحرس الإيراني بالرد على اعتداءات طهران. إن إعلان داعش وتبنيه مسؤولية الوقوف وراء تلك الهجمات لا يبرئ أجهزة النظام الإيراني من تورطها وضلوعها في الترتيب لتلك العمليات، لاسيما وأن تركيبة وبنية تنظيم داعش مخترق من عدة جهات ودول ومن بينها إيران التي لها أياديها في هذا التنظيم وتسعى لتنفيذ الأجندات الخاصة بها. وفي الساحة السورية نرى تواطؤاً واضحا بين داعش والنظام السوري والمجموعات الإرهابية التابعة لإيران، حيث نلمس هذا بجلاء من خلال تبادل الخدمات والمصالح والمنافع ضد المعارضة السورية على الأرض، ويظهر هذا من خلال التفاهم بين إيران وتنظيم أبي بكر البغدادي، كما ظهر كذلك بصورة واضحة في العراق. أدركت طهران مؤخراً أن هناك تبدلا في المزاج الدولي تجاهها قد يشكل تهديداً لمصالحها واستقرار نظامها، لذا بادرت بعد قمة الرياض الأخيرة مع الرئيس دونالد ترامب إلى تقديم نفسها كضحية للإرهاب الذي تسعى الدول المجتمعة والمنظومة الدولية لمكافحته، في محاولة سياسية من إيران لصرف الأنظار عن الأعمال الإرهابية التي تقع في المنطقة برعايتها ودعمها. إن ربط تسلسل الأحداث وتحليلها مهم لمعرفة كيف تدير وتخطط طهران لإشعال المنطقة وإشغالها. في مارس الماضي نشر التنظيم فيديوا نادرا باللغة الفارسية مدته 36 دقيقة وكان عنوانه "بلاد فارس بين الأمس واليوم" حذر فيه من أنه "سيقوم بفتح إيران ويعيدها مسلمة سنية كما كانت من قبل". في الوقت ذاته لم تستبعد تقارير أجهزة المخابرات الأمريكية وجود علاقة بين طهران وداعش، وذكرت أن طهران والنظام السوري سهلتا دخول شبكات إرهابية كالقاعدة وداعش إلى الأراضي العراقية لضرب أهداف أمريكية بعد 2003م.