يعتبرونه من أعظم صدقات السر، وبعضهم يرونه تطهيراً للنفس، وآخرون عدوه واجباً إنسانياً، هكذا تنوعت دوافع المتبرعين بالدم الذين، التقتهم «الشرق» وهم متكئون على أسرة ببنك الدم في مستشفى الملك فهد بالهفوف، في حملات التبرع، التي تقام شهرياً في المحافظة. عبدالعزيز العنزي قال إنه منذ»ثلاث»سنوات، وهو يداوم على التبرع بدمه، ولم يفكر في يوم من الأيام إلى أي الجهات ستذهب قطرات دمه، فربما لامرأة أو رجل، أو إنسان مسلم أو غير ذلك، فدافعه في ذلك إنساني بحت، مؤكدا أنه يبحث عن الأجر والمثوبة من الله، لأن الدم لايمكن أن يباع ويشترى، وهو على يقين بأن الله سيدفع عنه الكثير من البلاء. أما قاسم البوحويح، فقال ل»الشرق» إنه يتبرع منذ كان طالباً في المرحلة الثانوية، وقضى أكثر من أربع سنوات في التبرع، وسيتابع حتى آخر نفس في حياته، وربما عاد له دمه في يوم من الأيام، بعدما وزعه على أكثر من شخص، وتنقل من قلب إلى قلب، واعتبر أن هذا النوع من العطاء هو عطاء بلا منة، فربما أعطى المتبرع دمه حتى لخصمه، وهو لا يعلم بذلك، ويكفي الإنسان شرفاً أن يوزع دمه، في شرايين مختلفة لنظرائه في الخلقة. مساعد مدير الشؤون الصحية بالأحساء للخدمات الطبية المساندة الدكتور جمعة اللويم أكد ل»الشرق» أن حملات التبرع بالدم تعتبر من الروافد المهمة لدعم البنوك، للحصول على كمية دم تدعم الخزينة، ومحافظة الأحساء تعتبر من المناطق التي تنتشر فيها أمراض الدم الوراثية بكثافة عالية، وخاصة فقر الدم المنجلي، – بنسبة30%، والثلاسيميا بأنواعها، ومرض نقص خميرة(G6PD) والذي زاد أعداد المصابين به في السنوات الأخيرة. وتحمل بنوك الدم العبء الأكبر لتوفير وحدات الدم لهؤلاء المرضى، بالإضافة إلى مرضى العمليات والمصابين بالحوادث. وأكد اللويم أن خطة بنك الدم في المستشفى هي دعم الحملات وتنفيذها، لأن مدخولها في اليوم الواحد يفوق عدد الوحدات التي يتم سحبها في المستشفيات بثلاثة أضعاف، وأحياناً عشرة أضعاف، ما يؤدي إلى سد النقص السريع للبنوك، مؤكداً أن عدد الحملات التي نفذت منذو عام 1427 وحتى 1431ه، بلغ « 56»حملة، أعطت» 9241»وحدة دم، وأن ما صرف من وحدات الدم-خلال السنوات الخمس- في مستشفى الملك فهد، والولادة والأطفال، ومستشفى الأمير سعود بن جلوي، بلغ»84693»وحدة. وقال رئيس وحدة بنك الدم في مستشفى الملك فهد د.ياسر حجار ل»الشرق»، إن ثقافة التبرع بالدم منتشرة في الأحساء، ويومياً يستقبل بنك الدم ما بين «25 إلى ثلاثين متبرعاً»، وهؤلاء لم يفرض عليهم أحد الوقوف على باب البنك، بل جاؤوا من تلقاء أنفسهم، وهذا من نبل الإنفاق والتبرع في سبيل الله، مشيراً إلى أن ظاهرة تخوف النساء من التبرع وعدم الإقبال عليه، شبه منعدمة تماماً داخل البنك. ويحرص المسؤولون في بنك الدم على سلامة الوحدات المستلمة، بدءا من الفحص الأولي إلى دخولها مختبرات مجهزة بأحدث الأجهزة، وأوضح رئيس مختبر بنك الدم الدكتور يوسف المرزوق ل»الشرق» أن المختبر يضم أجهزة حديثة ومتطورة، وبإمكانه إعطاء نتائج دقيقة ومتعددة للدم قبل نقله لأي مريض، مؤكداً أن فترة تخزين الوحدات لاتزيد عن «35 إلى 42يوماً».