يواجه الرئيس الإيراني الفائز بولاية ثانية حسن روحاني معارضة حامية من حكومة الظل الشرسة التي تتشكل حاليا من قبل قوى لا يمكن الاستهانة بها، سيتزعمها سعيد جليلي، المعروف في الغرب بأنه كبير مفاوضي أحمدي نجاد في الشأن النووي، ما يعني أن النظام في طهران سيبتعد يوما بعد آخر عن الاستقرار. وفاز روحاني بالانتخابات بعد أن خاض معركته داعياً للانخراط مع العالم، بما فيه الولاياتالمتحدة والدول الخليجية المجاورة لإيران، ولإجراء إصلاحات اجتماعية وسياسية واقتصادية، على الرغم من أنه في نهاية الأمر مجرد رئيس راديكالي ينفذ أوامر المرشد الأعلى آية الله خامنئي الذي يتظاهر بعدم المشاركة في السياسة، وهو أمر لا يمكن تصديقه. وأريان طبطبائي، أستاذة زائرة لدى برنامج الدراسات الأمنية في معهد الخدمة الخارجية التابع لجامعة جورج تاون الأمريكية، كتبت في مجلة فورين أفيرز، عن فكرة إنشاء حكومة ظل. وأوضحت أنه في 2005، أوحى إصلاحيون خسروا الانتخابات لصالح المتشدد محمود أحمدي نجاد بذلك الاحتمال. ولكن الفكرة لم تتجسد، لأن النظام يميل غالباً لصالح الاستقرار والاستمرارية ويفضل تقديم صورة عن وحدة الصف. ولكن المواسم الانتخابية، وبالرغم من قصرها في إيران، قد تتسم بالوحشية. فالناس يبحثون خلالها في مستقبل بلدهم، والمرشحون الذي يوافق عليهم مجلس صيانة الدستور يبحثون الخيارات على التلفزيون الرسمي. وتشير الباحثة إلى أنه، في نهاية الأمر، يعمد المرشد الأعلى آية الله خامنئي، الذي يحاول تصوير نفسه بأنه بعيد عن السياسات، لتذكير المرشحين بوجوب عدم تجاوز الحدود، أو استهداف بعضهم البعض شخصياً. لذلك، يركز النظام على الوحدة بعد الانتخابات. وبحسب طبطبائي، في هذه المرة، ولتجنب خلق بلبلة، هنأ منافس روحاني، المتشدد إبراهيم رئيسي، الرئيس بفوزه، وتمنى له النجاح. ولكن تم ذلك بعد أن شكك رئيسي في النتائج، وواصل الحديث عن وجوب عدم تجاهل رغبات مؤيديه. وقد دقّ رئيسي على وتر الاستياء من تطبيق الصفقة النووية، مشيراً إلى عدم تحسن أوضاع إيرانيين عاديين بعد رفع العقوبات، وبأنهم لم يلمسوا ثمار أي "انتعاش اقتصادي". وتشير الباحثة لاحتمال مواجهة روحاني ضغوطاً تمنعه من تنفيذ أجندته بعدما صرح سعيد جليلي، المعروف في الغرب بأنه كبير مفاوضي أحمدي نجاد في الشأن النووي، ومرشح رئاسي لعام 2013، عن عزمه على إنشاء حكومة ظل. وستنفذ الخطة، كما طرحها جليلي، من قبل عدد من الخبراء في مجموعات عمل بهدف التصدي لتحديات تواجهها إيران. وتمتد تلك التحديات من السياسة الخارجية وصولاً إلى قضايا اجتماعية، فضلاً عن الصناعة والاقتصاد والفساد والشفافية والصحة العامة. وتشير طبطبائي لانقسامات طرأت، خلال السنوات الأخيرة، بين المتشددين والمحافظين في إيران، ولكن معظم تلك الشخصيات، من كلا المحافظين والمتشددين، ومنهم جليلي، يفتقرون للشهرة، أو لرصيد اجتماعي أو دعم شعبي يحتاجون إليه ليصبحوا زعماء معارضة فاعلين. وعلى سبيل المثال، وقبل أن يصبح اسماً مألوفاً كنتيجة للحملة الرئاسية لعام 2017، لم يكن رئيسي معروفاً تقريباً لدى الإيرانيين. وتلفت الباحثة إلى أنه بفضل الانقسامات والافتقار إلى الشهرة، لم يستطع المتشددون تعطيل أجندة روحاني سوى بالخطب. وجرى ذلك خصوصاً خلال المحادثات النووية، وحيث ائتمرت معظم فصائل المتشددين بخامنئي. فقد فشل المتشددون في حرف المفاوضات عن مسارها، ووقع الاتفاق النووي. واليوم، يواصلون انتقاد الصفقة فيما يعترفون بأنهم خسروا المعركة.