قبل العام 2000 وأنا أقرأ لناصر الفراعنة شعراً مختلفاً عما هو معتاد في الأوساط الشعرية، الأمر الذي دعاني إلى تتبعه والتقصي عنه حتى جاء العام 2004 حينما كنتُ رئيس تحرير لمجلة نجوم القمة التي كانت تعنى بالأدب في أحد ملفاتها، فما وجدت غير الفراعنة غاية لإثراء ذلك الملف في العدد الأول لأجري اتصالا بعدما توصلت إلى رقم هاتفه حين كان ضابطا في إحدى القطاعات العسكرية في القصيم، قابلني ناصر بكل ترحاب وتقدير وجاء إلى الرياض تلبيّة للدعوة وإحساناً منه، فكان الحوار ثريا كما ظننت ليحتل مساحة أربع صفحات إضافة إلى العنوان الأكبر على غلاف العدد «فرعون الشعر في أول حوار له»، وبعد صدور العدد اتصل بي أحد رؤساء تحرير المجلات الشعبية يسألني عن الحوار وعدم جدواه بهذا الحجم للمجلة خاصة وهي حديثة كما أن شخصية الحوار ليس لها جماهيرية معلومة فلم أجد إجابة غير ما قلته في ذلك الحين «أراهن على ناصر»، بالأمس وبعد أكثر من 13 عاماً أكسبني ناصر الرهان حينما وقف عفويا ثريا متمكنا أمام ملك الحزم سلمان وضيوفه الكبار في ختام مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل، ليصدح بقصيدته التي أسماها بعضهم بالقصيدة الفارسية، ولو أن الرهان بات محسوما منذ قصيدته «ناقتي يا ناقتي»، لكن رهان الأمس هو الأهم والأشمل بالنسبة لي، ولست أكتب هذا لأبين سعادتي بناصر أو لأنسب فضلا لنفسي لا أستحقه وإنما وددت الإشارة إلى أداة تنمية مهمة لا تتحقق فقط بدعم المبدعين وإنما بالبحث عنهم وتقديم الفرصة إليهم بثقة يحدوها الأمل ويصاحبها التمكين، فكم في هذا المجتمع من ناصر يستحق أن يقف أمام الملك ليشارك الوطن بما وهبه الله، ليس شعراً فقط وإنما فكرا وإرادة وإدارة وأمانة، إن الرهان على المبدعين في مجتمعنا ما زال مجرد شعارات مفرغة من محتواها، خاصة أن الإبداع غالبا ينمو بصاحبه في الظل وليس أمام الأضواء الصناعية المستشرية فينا.