كنت بالأمس خارجاً من المسجد وإذا بطفل صغير ذي العشر سنوات يسبقني للخروج من الباب، وحال خروجه وقبيل استقلاله لسيارة والده بات يردد وبصوت مسموع قصيدة الشاعر ناصر الفراعنة ناقتي يا ناقتي والتي مطلعها يقول: ناقتي يا ناقتي لا رباع ولا سديس وصليني لابتي من وراء هاك الطعوس وحتى ختام القصيدة. صدق لاقال العرب ما يحوص إلا الخسيس ولايوط الروس شئياً مثل ضعف النفوس في اليوم التالي مجموعة من كبار سن في صالة الانتظار في أحد العيادات الطبية بانتظار أدوارهم لمراجعة الطبيب كان محور النقاش بينهم هو قصيدة الشاعر ناصر الفراعنة. في رحلة الطائرة القادمة من الرياض والمتجهة إلى الدمام مجموعة من الفتيات يتبادلن الحديث عن القصيدة والسؤال عن معاني تلك القصيدة. تناقل هذه القصيدة وقصائد أخريات لذلك الشاعر عبر مواقع الانترنت وتبادلها كرسائل صوتية بين الجوالات يسري بسرعة غريبة. القصيدة ذاتها حين تسمعها تطرب كثيراً وأن لم تعرف جل معاني أبياتها فما أن تتعرف على معاني أبياتها لا تمل سماعها بل وتنساق لتكرار قراءتها. الشاعر ناصر الفراعنة شاعر معروف وقصائده جميلة ولكن لماذا هذا الظهور المفاجىء ولماذا بدأ البحث عن قصائده بهذه الصورة. لا أحسبه إلا أنه ذلك البرنامج التلفزيوني لمسابقات الشعر الشعبي شاعر المليون. هو من عرف الناس وعلى كافة أطيافها وإهتماماتها بالشاعر ناصر الفراعنة وإن كان هذا ليس تقليلاً بشاعرنا، فهو معروف عند ذوي الاهتمام ومحبي الشعر. ولكن البرنامج استطاع إيصال شعرة للطفل والمرأة والكبير بل قد لا أبالغ إن قلت أن الآسيوي الوافد والذي لا يعرف العربية إطربه لحن القافية وكما يسميه الدكتور غسان أحد أعضاء لجنة التحكيم باللحن الكهربائي. البرنامج شاعر المليون أظنه استطاع أن يتفوق على نفسه في عامه الثاني وعلى كثير من البرامج المتخصصة بالشعر الشعبي بل وحتى غيرها من البرامج، فلقد استطاع هذا البرنامج أن يشد المشاهدين حتى أولئك الذين ليس لهم اهتمامات بالشعر الشعبي ورغم المآخذ والمثالب التي أثيرت حوله ولكن يبقى في نظر المشاهد متصدراً على غيرة من البرامج. هذا البرنامج لمن لا يعرفه وإن كنت أجزم أن الكل سمع عنه، من إنتاج تليفزيون أبو ظبي فكرة وإعداد وإخراجاً، ففكرته قائمة على إجراء مسابقة للشعر الشعبي لاختيار أفضل شاعر كحامل لعلم الشعر الشعبي (البيرق) وجائزة مليون درهم. تقييم الشعراء ومن يحتل المراكز الثلاثة الأول يتم مناصفة بين لجنة تحكيمية وترشيحات من المشاهدين التي يدلون بها من خلال رسائل الجوال والتي تتم أسبوعياً.