الإجراءات الاحترازية الأمنية هي أداة من أدوات السلامة، والسلامة هي غاية الإسلام، إلا أن المفارقة في الأمر أن تصبح الإجراءات الاحترازية أكثر تحيطاً وإحاطة حول الجوامع التي من المفترض أن لا تكون منابر إلا للإسلام وآدابه، ذلك ما أشغلني بينما كان إمام وخطيب جامع الراجحي على منبره يتمنى أن يكون اهتمام الناس بامتحان الآخرة كما هو حالهم عند امتحانات منتصف السنة الدراسية أو نهايتها، مقاربة أجدها على سبيل تيسير الفهم للناس، وليس ذلك القول أو تلك المقاربة فيه ما كان يشغلني، بل كنت أحاول أن أدخل في فكر أبنائي عن يميني وشمالي، وأعلم أن المشهد أمامهم يبدو جديداً ومختلفاً لا تفسير له ما لم تتم الإجابة عليه، فبينما كنا نسير إلى الجامع كان الأمر يبدو طبيعياً إلى أن اقتربنا فأصبح الحضور الأمني هو الأجمل وفي نفس الوقت الأغرب بالنسبة للأطفال، فمنذ فترة والمواقف الجانبية حول الجامع يوم الجمعة لا تكون إلا لرجال الأمن ومركباتهم، وعلى الجانب الآخر مركبات نقل الأموات إلى مقابرهم، العنصر الاحترازي الجديد على أبنائي اليوم هو التفتيش الشخصي قبل الدخول إلى ساحة الجامع أو داخله، نعم كان رجل الأمن الذي قام بالتفتيش في غاية اللطافة والوعي، حيث كان مبتسماً ممازحاً لهما ولسان حاله يقول: لست إلا لحمايتكما، وهذا بيت من بيوت الله وجب علينا حمايته ومن فيه من الأحياء والأموات! ثم لاحظت رأسيهما ترتفعان إلى السماء كلما اشتدت جلبة الطائرة العمودية وهي تحوم فوق الجامع إلى ما بعد انتهاء الصلاة، تلك المشاهد لم تكن إلا تحيطاً من غوغاء قد تصدر من بعض الذين في قلوبهم مرض ضد هذا الوطن وأهله وأمنه قد يتخذون من المساجد منابر لغوغائهم، ثم يدَّعون أنهم مسلمون نسأل الله السلامة، لكني أعترف بأن الإجابة على التناقض الذي شاهده أبنائي بين مفهوم السلامة والإسلام في بلاد المسلمين لن يكون من المسلّمات.