بينما تسعى الدول العربية لضمان بقاء الفلسطينيين على أرضهم، وتمكينهم من تقرير مصيرهم، لا يتوقف الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، عن طرح مقترحات غير واقعية تعكس تجاهلًا تامًا للحقوق الفلسطينية، فمرة يقترح نقل الفلسطينيين إلى إفريقيا، وأخرى يدعو إلى تهجيرهم إلى سورية، متناسيًا أن الأرض أرضهم، والحق معهم، وأن الحل العادل لا يمكن أن يكون بتجاهل جذور القضية. يقابلها تصاعد الجهود الدولية لإعادة إعمار قطاع غزة وإنهاء المعاناة الإنسانية، لذا طرحت مصر مقترحًا إستراتيجيًا يرتكز على إنشاء لجنة مستقلة لإدارة الفترة الانتقالية، إلى جانب دراسة إمكانية نشر قوات دولية في غزة والضفة الغربية كخطوة على طريق تأسيس دولة فلسطينية مستقلة. إعادة الإعمار ذكر وزير الخارجية المصري، بدر عبدالعاطي، أن نجاح عملية إعادة إعمار غزة يعتمد على وضع أسس واضحة لمرحلة انتقالية، تبدأ بإنشاء لجنة مستقلة تتولى إدارة شؤون القطاع، مشيرًا إلى أن مجلس الأمن قد يدرس تأسيس وجود دولي في غزة والضفة ضمن برنامج يهدف إلى تحقيق الاستقرار، تمهيدًا لإقامة دولة فلسطينية. جاء ذلك خلال اجتماع موسع عُقد في مقر وزارة الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، بحضور أكثر من مائة سفير وممثل لمنظمات دولية، بالإضافة إلى الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس الوزراء وزير الصحة والسكان، حيث تم تقديم عرض تفصيلي حول خطة مصر لإعادة إعمار غزة، والتي وضعتها بالتنسيق مع الحكومة الفلسطينية. خطة شاملة استعرض الوزير عبدالعاطي الملامح الرئيسية لخطة إعادة الإعمار، كما كشف عن بدء مصر والأردن في تدريب عناصر من الشرطة الفلسطينية استعدادًا لنشرهم في غزة، ضمن الجهود الرامية لتهيئة الظروف الأمنية والإدارية لمرحلة ما بعد الحرب. وجود دولي أشار وزير الخارجية المصري إلى أن هناك مقترحًا مطروحًا أمام مجلس الأمن لدراسة إمكانية نشر قوات حفظ سلام أو حماية دولية في الأراضي الفلسطينية، وفق تكليف واضح وإطار زمني محدد، بما يضمن التمهيد لتأسيس دولة فلسطينية ذات سيادة. الوضع الصحي استعرض د.خالد عبدالغفار، الجوانب الصحية المتدهورة في قطاع غزة، مؤكدًا أن مصر قدمت خدمات طبية لأكثر من 107 آلاف فلسطيني عبروا إلى أراضيها منذ اندلاع الحرب، بتكلفة تجاوزت 570 مليون دولار، كما أوضح أن أكثر من 70 % من المنشآت الصحية في غزة خرجت عن الخدمة بسبب القصف، ما يجعل إعادة بناء المنظومة الصحية أمرًا ضروريًا وحتميًا. الموقف الدولي حظيت الخطة المصرية بدعم واسع على المستويين الإقليمي والدولي، خاصة أنها تضع تصورًا عمليًا يجمع بين الإغاثة الفورية وإعادة الإعمار على أسس مستدامة، مع التركيز على حل سياسي يضمن للشعب الفلسطيني حقوقه التاريخية. في مقابل هذه الجهود الجادة، تتبدد مقترحات ترمب في الهواء، فهي لا تعكس سوى جهل بالقضية الفلسطينية، وسطحية في التعامل مع أحد أعقد الصراعات في العالم، ما يجعلها مجرد أوهام لا مكان لها في أي نقاش جاد حول الحل النهائي. خطة شاملة لإعادة إعمار غزة استعرض الوزير عبدالعاطي الملامح الرئيسية لخطة إعادة الإعمار، والتي تتطلب: تثبيت وقف إطلاق النار بشكل دائم. إدارة مرحلة التعافي المبكر وفق رؤية فلسطينية. تمكين السلطة الفلسطينية من العودة إلى غزة لممارسة مسؤولياتها. إنشاء لجنة مستقلة غير فصائلية لإدارة القطاع خلال الفترة الانتقالية. تعزيز الجهود الدولية من خلال مؤتمر دولي في القاهرة لحشد التمويل اللازم.