مع اقتراب موعد محادثات السلام السورية في أستانا برعاية روسيا وتركيا؛ لا يزال الغموض يكتنف احتمال مشاركة الولاياتالمتحدة فيها. وأعلن الكرملين (الرئاسة الروسية) أنه غير قادرٍ بعد على التوضيح ما إذا كانت ستُوجَّه دعوةٌ إلى واشنطن للمشاركة. وحُدِّد موعد المحادثات في العاصمة الكازاخستانية في ال 23 من الشهر الحالي، أي بعد 3 أيام من تسلُّم الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، مهامه في البيت الأبيض. وبشكل مفاجئ؛ أعلن وزير الخارجية التركي، مولود تشاوش أوغلو، موافقة موسكو على ضرورة مشاركة واشنطن في لقاء أستانا. وصرّح تشاوش أوغلو أمس الأول في جنيف السويسرية: «يجب بالتأكيد أن تتم دعوة الولاياتالمتحدة، وهذا ما اتفقنا عليه مع روسيا». وأعلنت موسكووأنقرة عن مفاوضات أستانا بعد توصلهما إلى اتفاقٍ جديدٍ لوقف إطلاق النار في سوريا في ال 30 من ديسمبر الفائت. والاتفاق هو الأول الذي تشارك أنقرة في رعايته، بعدما كانت واشنطن شريكةً لموسكو في رعاية هدنٍ سابقة لم تصمد. ولم تؤكد موسكو ما قالته أنقرة عن المشاركة الأمريكية. وصرَّح المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أمس: «لا يمكنني أن أوضح ذلك بعد. بالتأكيد، نحن نؤيد أكبر تمثيل ممكن لكل الأطراف» المعنية بالملف «لكنني لا أستطيع أن أجيب بشكل دقيق الآن». وفي ال 29 من ديسمبر؛ أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في حضور رئيسه، فلاديمير بوتين، استعداد موسكو لتوسيع المحادثات بحيث تشارك فيها بلدان عربية، مع الحرص على مشاركة الأممالمتحدة. وشدد لافروف يومها: «آمل أن تتمكن إدارة دونالد ترامب عندما تتسلم مهامها في أن تشارك أيضاً في هذه الجهود حتى نتمكن من العمل في اتجاه واحد بطريقة ودية وجماعية». لكنه لم يحدد إن كان يقصد محادثات أستانا أو عملية التسوية بأكملها. وبعد لقاء العاصمة الكازاخستانية؛ يُفترَض أن تستأنف الأممالمتحدة محادثاتٍ بين نظام بشار الأسد ومعارضيه في جنيف السويسرية، وذلك في ال 7 من فبراير المقبل. ويُنصَّب ترامب رئيساً للولايات المتحدة في ال 20 من يناير خلفاً لباراك أوباما الذي تراجع اهتمامه بالملف السوري في الأشهر الأخيرة من ولايته الثانية في مقابل ازدياد النفوذ الروسي. ولعب التدخل العسكري الروسي دوراً في سيطرة قوات الأسد على مدينة حلب (شمال) في ال 22 من ديسمبر. وبعد هجومٍ عنيف لقوات النظام على شرق المدينة؛ أُجلِيَ مقاتلو المعارضة ومدنيون إلى خارجه بموجب اتفاقٍ برعاية روسية تركية. ويعتقد عميد كلية العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الأمريكية في بيروت، عماد سلامة، أن «الإدارة الأمريكية الجديدة لا تضع ضمن أولوياتها لعب دور رئيس في الحل السوري». ويقول: «أعتقد أنه مع وصول ترامب إلى سد الرئاسة فإن الإشراف على الملف السوري سينتقل إلى الروس ولكن بضمانات، أبرزها حماية أمن إسرائيل والحد من الدور الإيراني في سوريا». في غضون ذلك؛ أكد عضو الائتلاف السوري المعارض، أحمد رمضان، التوصل إلى وقفٍ لإطلاق النار في منطقة وادي بردى- التي تسيطر المعارضة عليها قرب دمشق- وإدخال ورش الصيانة إلى نبع عين الفيجة لإصلاح مضخات المياه «دون توابع سياسية أو عسكرية». والنبع يقع داخل وادي بردي (15 كيلومتراً شمال غرب دمشق)، ويضم المصادر الرئيسة التي ترفد العاصمة بالمياه. ومياه النبع مقطوعة تماماً عن معظم أحياء العاصمة منذ ال 22 من ديسمبر نتيجة أضرار لحقت بالمضخات. وتقول الفصائل المعارضة إن قوات الأسد، التي تتهم المعارضين بقطع المياه، هي من قصف النبع ما أدى إلى تضرر المضخة الرئيسة. وتعرضت منطقة وادي بردى، مؤخراً، إلى قصفٍ مكثفٍ من جانب جيش النظام والميليشيات الموالية له المدعومة من إيران. وكانت المعارك في هذه المنطقة بمثابة تهديدٍ لاتفاق وقف إطلاق النار الشامل الساري في سوريا منذ نهاية الشهر الفائت. ويستثني الاتفاق تنظيم «داعش» الإرهابي، أي أنه يسمح باستهدافه. وتقول موسكو ونظام الأسد إنه يستثي أيضاً جبهة «فتح الشام» (النصرة سابقاً) المصنَّفة إرهابية. بينما تنفي المعارضة أي وجودٍ لهذه الجبهة، التي انفصلت عن تنظيم القاعدة قبل أشهر وغيّرت اسمها، في وادي بردى. على صعيدٍ آخر؛ اتهم النظام، على لسان مصدرٍ عسكري فيه، إسرائيل بقصف قاعدة المزة العسكرية قرب دمشق ليل الخميس- الجمعة. وذكر المصدر أن الصواريخ انطلقت من طائرة من شمال بحيرة طبريا (الجولان المحتل). وهزّت سلسلة انفجاراتٍ قاعدة المزة واستهدفت مستودعات ذخيرة، بحسب ما أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان.