ندرك تماماً أن الجدل من أهم أسباب الخلافات، وأن الأسئلة رغم حاجتنا لها إلا أنها تفتح أبواباً كثيرة لأمور من الأفضل أن تظل بلا أجوبة، فما هلك أقوام إلا بكثرة أسئلتهم، وفي التفاصيل تكمن أسباب الفتن. وفي هذه الأجوبة مفاتيح لأسئلة شائكة في فتنة الإنترنت..! * لا شك أننا في عالم جديد له ثقافته وإعلامه، بقنوات الاتصال الاجتماعي، والإنترنت، وله تأثيره اجتماعيّاً وفكريّاً، ولا يمكن تجاهل هذا التأثير، وقل أن نجد مِن الأدباء والمفكرين والمبدعين، مَن ليس له صفحته الخاصة في الفضاء الأزرق، وموقعه على قناة تواصل التويتر. فهي من ناحية توفر لهم حرية التعبير والتعليق وإبداء الرأي، ومن ناحية أخرى تبقيهم على تواصل مع المجتمع وما يطرح من قضايا يدلون فيها بأصواتهم، ويروجون لأفكارهم. ونحن نعلم أن الأحداث التي حدثت في المنطقة منذ عام 2011، وما حدث من ثورات ظننا أنه الربيع حقّاً، كان السلاح القوي والمؤثر في تهييج حماس الشعوب وتواصلهم فيها من خلال قنوات الاتصال تلك. وكان الإعلام الجزء الأهم في التأثير. ومع إيماننا بذلك، إلا أنه لا ينفي وجود سلبيات هذا الإعلام، ومن حق المثقفين والمبدعين أن يكونوا ملمّين بأدواته وآلياته، ويحق لهم الحضور بشكل جيد في حواراته، ومجاراة المتغيرات، لكن باعتدال حتى لا يصبح مضيعة للوقت وهدراً للطاقة. وأن يكون وجودهم مفيداً. * الظاهرة الغريبة التي لاحظناها، أن كثيراً من الحوارات وتبادل الآراء، بين المتحاورين من المثقفين، لا يرقى لأخلاقيات النخبة المثقفة سواء على مستوى الإعلام أو الحوار عبر مختلف القنوات. حيث أخذت تتصاعد لغة الحوار والتنابذ بالألقاب وتبادل الاتهامات، مما يوحي بظاهرة تعرف بالعنف الفكري أو الثقافي. حيث يمارس بعضهم أساليب القمع الفكري والعنف الثقافي في التواصل والحوار مع من يختلفون معهم. وتتبدى ظواهر هذا العنف في قضايا سوء الفهم وسوء الظن، ومصادرة آراء الآخرين وتأويلها. وهذا مما يعاب على حوارات قنوات التواصل، بما يثير الكراهية والمشاحنة، هناك فئة من المثقفين نأمل أن تكون نسبتهم قليلة ترفض التعددية الفكرية، وتحمِّل المعاني ما لا تحتمل، وتهوى إشاعة العنف في طرح الرأي، وإثارة الآخرين بالآراء المستفزة. * لا نبالغ إن قلنا إن الإنترنت أصبح فضاءً ثقافيّاً كسر العزلة الثقافية وقَرّب بين المفكرين والمثقفين على نطاق واسع، عبر المواقع المشهورة لشبكات التواصل الاجتماعي، ولا شك أنها أصبحت محرّضاً على الإبداع ومحرّكاً للمشهد الثقافي، وهناك عديد منها أدى رسالته الإعلامية والثقافية بصورة مذهلة منها مواقع للإبداع القصصي والشعري والأدبي وأخرى منتديات للصحفيين والمبدعين في مختلف أنواع الفنون البصرية. وإذا كنا نؤكد على أهميتها كمواقع معرفية جيدة، فإنه علينا ألا ننسى الجانب السلبي لها حين يساء استخدامها للترويج للفكر المتطرف والإبداع الذي يتنافي مع القيم والأخلاق، وبما يسيء لتاريخنا الثقافي ومناخه النقي.