نتائج آخر إحصائيات قامت بها إحدى المؤسسات البحثية الغربية في العام المنصرم، أثبتت أن المملكة العربية السعودية، تحتل المركز الأول عالمياً في قائمة العشر دول الأكثر تواصلاً وحضوراً عبر موقع التواصل (تويتر) في وقت احتلت فيه الدولة التي أنشئ فيها الموقع، المركز الثاني، وبفارق كبير، هذا يؤكد لنا أن الأدباء والمثقفين والعلماء، الذين يشاركون بتغريداتهم عبر هذا الموقع الإلكتروني الأكثر شهرة، هم الأكثر تفاعلاً وتأثيراً؛ حيث تتجاوز تغريداتهم وتعليقاتهم، حسب ما ورد في الإحصائية، المليوني تغريدة أسبوعياً. إن هذه الظاهرة المثيرة، تؤكد تفاعل المشهد الثقافي وحراكه، مع مواقع التواصل إلى حد التميز والشهرة في مجالها، مما سينتج عنه ثقافة مجتمعية جديدة، لها مؤثراتها وإفرازاتها التي تنعكس على معطيات المشهد الثقافي وحواراته، ومفردات ثقافته الجديدة، بصورة لا يمكننا إنكارها، أو تجاهل أي مؤشرات ترصد واقعها، وما تحدثه من نقد هو في الغالب نقد ثقافي مجتمعي، له مؤثراته وألوانه. إن كثيراً من الحوارات وتبادل الآراء، بين المتحاورين من المثقفين، عبر موقع التويتر، فيها بكل تأكيد النافع والضار، الجميل والقبيح، البنّاء والهدام، وكل ما يخطر على بالنا من ثنائيات ومتضادات! فإذا كنا قد رصدنا من حواراتهم وتغريداتهم ما لا يرقى لأخلاقيات النخبة المثقفة سواء على مستوى اللغة أو المضمون، فإننا أيضا خرجنا -وهذه حقيقة- بفكر مختلف ولغة عصرية لها مميزاتها لعلماء وإعلام ومثقفين، بحيث نستطيع القول إننا اكتشفنا جانباً مهماً في إعلامنا الجديد نستطيع من خلاله خلق ثقافة جديدة مؤثرة. لاشك أننا لاحظنا زيادة في المشاحنات والخصومات بين المتحاورين أو المغردين، كما لاحظنا تصاعد حدة لغة الحوار وزيادة العنف بين المثقفين، نسبتهم ليست مقلقة، ولكن تستوجب منا الحذر، خاصة في كل ما يثار، من حوارات الهدف منها إثارة فتن النعرات القبلية والعنصرية والمناطقية، التي أكدنا من خلال حوارنا الوطني، أننا نرفض بشدة أي حوار يهدد نسيجنا الوطني المتماسك، واللحمة الوطنية التي تشعرنا بأننا جميعا ننتمي لهذا الوطن ونخلص في وطنيتنا من أجلها، ولا نبالغ إن قلنا إن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت فضاء ثقافيا كسر العزلة الثقافية وقَرّب بين المثقفين وسهّل حواراتهم، ومما لا شك فيه أنها أصبحت محفزاً على الإبداع ومحركاً لثقافة معاصرة لها لغتها ومفرداتها وتأثيرها القوي في مشهدنا الثقافي، وهناك عديد منها أدى رسالته إعلامياً وثقافياً. وإذا كنا نؤكد أهمية هذه المواقع كمصادرمعرفية وثقافية جيدة في فضاء مطلق وحرية مطلقة، إلا أن المطلوب أن نكون أكثر وعياً وشعوراً بحساسيته ومسؤوليتنا عن إيجابياتها، ومقتنعين بخطورة تأثيرات سلبياتها.