حالت السحب الكثيفة والأمطار دون شنِّ نظام بشار الأسد ضرباتٍ جويةٍ أمس على شرق حلب. بينما استمرت قواته في القصف المدفعي. يأتي ذلك فيما أُعلِنَ اتفاقٌ بين مقاتلي المعارضة في المدينة الشمالية على تشكيل تحالفٍ عسكري جديد لتحسين تنظيم الدفاعات. وأفاد مسؤولان معارِضان، تحدَّثا من تركيا للموقع الإلكتروني لوكالة الأنباء «رويترز»، بأن التحالف الجديد سيسمى «جيش حلب» وسيرأسه قائد فصيل «الجبهة الشامية»، وهو أحد الفصائل الرئيسة التي تقاتل في شمال سوريا تحت لواء الجيش الحر. وذكر مسؤولٌ في فصيلٍ آخر أن أبو عبدالرحمن نور من «الجبهة الشامية» اختير لقيادة التحالف. وتوقَّع مسؤولٌ في الجبهة أن يساعد التحالف الجديد في مركزية عملية اتخاذ القرار. وكان نور دعا الأسبوع الماضي الدول الأجنبية إلى مزيدٍ من المساندة في مواجهة حملة شرسة لقوات النظام. وينفذ جيش الأسد، مدعوماً بميليشيات، هجوماً مكثفاً، منذ أسبوعين، على شرق حلب شمِل تكثيف القصف الجوي والمدفعي وأسفر عن السيطرة على أكثر من ثلث هذه المنطقة. لكن السحب الكثيفة والأمطار حالا دون مواصلة القصف الجوي أمس، بحسب ما أورد الموقع الإلكتروني ل «رويترز» نقلاً عن المرصد السوري لحقوق الإنسان وعاملين في الدفاع المدني. فيما استمر القصف المدفعي والاشتباكات العنيفة. وذكر المرصد أن «أحوال الطقس حالت دون القصف الجوي.. الخميس، لكن القصف المدفعي استمر». في الوقت نفسه؛ أفاد المسؤول في الدفاع المدني في مناطق المعارضة، إبراهيم أبو الليث، بأنه لا توجد طائرات حربية الخميس. وأبان أن «بعض الأشخاص يحرقون أمتعتهم أو أثاثهم للاستدفاء»، واصفاً وضع النازحين ب «سيئ للغاية»؛ إذ «لا توجد لهم ملاجئ أو وقود أو حطب»، حتى أن «كثيرين ينامون في الشوارع». وقدَّر مبعوث الأممالمتحدة، ستافان دي ميستورا، عدد من غادروا شرق المدينة خلال الأيام القليلة الماضية ب 30 ألف شخص يتلقون حالياً مساعدات، فيما وصل إجمالي النازحين من المدينة إلى 400 ألف. والمدينة مقسَّمة منذ 2012 إلى قسمين، شرقي مع المعارضة وغربي تحت سيطرة النظام الذي يحاصر القسم الآخر منذ نحو 4 أشهر ويحرمه من تدفق الغذاء والأدوية. وذكر مستشار دي ميستورا للشؤون الإنسانية، يان إيجلاند، أن لدى الأممالمتحدة غذاءً جاهزاً في غرب المدينة يكفي 150 ألف شخص. واستدرك في تصريحٍ من جنيف بحضور المبعوث الأممي «لكن لا يمكن للمنظمة حتى الآن الوصول إلى نحو 200 ألف شخص ما زالوا في المنطقة (القسم الشرقي) التي نفدت فيها مخزونات الغذاء وتُجرَى بها العمليات الجراحية في أقبية المباني دون مخدر». وأعلن دي ميستورا أن دمشقوموسكو رفضتا طلباً من الأممالمتحدة بوقفٍ مؤقتٍ للقتال لإجلاء نحو 400 مريض ومصاب في حاجة للعلاج. واقترحت روسيا إقامة 4 ممرات إنسانية إلى شرق حلب للسماح بدخول المساعدات وإجلاء مئات الحالات الطبية الطارئة، كما أوضحت المنظمة الدولية. وصرَّح إيجلاند «الاتحاد الروسي أعلن أن مبعوثيه يريدون الاجتماع في حلب مع موظفينا لبحث الطريقة التي يمكننا فيها استخدام هذه الممرات الأربعة لإجلاء الناس، وخصوصاً أن 400 جريح على الأقل بحاجةٍ إلى إجلاء طبي فوري». واعتبر المستشار الأممي أن «هذه الممرات يمكن أن تُستخدَم أيضاً لنقل أدوية ومواد طبية وغذائية». لكن دي ميستورا شدَّد على أن «إعلان هدنة إنسانية يبقى أولوية لدى المنظمة الدولية». وكانت موسكو، حليفة نظام الأسد، أعلنت في السابق عن اتفاقات هدنة أحادية الجانب وأقامت ممرات إنسانية، لكن الأممالمتحدة لم تستخدمها أبداً بسبب عدم توفُّر ضمانات أمنية. وفي العاصمة البلجيكية بروكسل؛ أظهرت ورقة عملٍ، اطَّلعت عليها وكالة «فرانس برس»، أن الجهاز الدبلوماسي في الاتحاد الأوروبي ينظر إلى «اللامركزية» باعتبارها مفتاحاً محتملاً لتهدئة واستقرار في سوريا التي يمزقها الصراع منذ قرابة 6 سنوات. وتعكس الوثيقة، التي صاغها مكتب فيديريكا موجيريني في منتصف نوفمبر الفائت، أفكار هذه المرأة التي تقود دبلوماسية الاتحاد الأوروبي حول المصالحة وإعادة الإعمار. وفي أكتوبر الماضي؛ تلقَّت موجيريني تفويضاً من دول الاتحاد ال 28 لبدء حوارٍ حول هذا الشأن مع القوى الكبرى في الشرق الأوسط مثل السعودية وتركيا، فضلاً عن المعارضة السورية. واعتبرت الوثيقة أن «التحدي في سوريا يكمن في بناء نظام سياسي يمكن فيه لمختلف المجموعات والمناطق في البلاد أن تعيش في سلامٍ جنباً إلى جنب ضمن إطار سياسي موحد». وأكملت «هذا يبدو أكثر صعوبة بعد التصدعات الناجمة عن حرب أهلية طويلة… مع العلم أن النظام السياسي في المكان سمح بظهور هذا النزاع، ومن المتوقع أن لا يؤدي إلى الاستقرار على المدى الطويل أو إلى النمو الاقتصادي المطلوب». وتحدِّد الوثيقة الأهداف «التي ينبغي تحقيقها للتوصل إلى سوريا تنعم بالسلم»، وهي «حكومة شرعية مسؤولة» و»نظام سياسي تعددي» و»جيش وطني موحد». وأعاد مكتب موجيريني التذكير بأن دستور عام 1973 في سوريا يركز السلطات في أيدي الرئيس، في حين يطالب معظم المعارضين بالعودة إلى دستور عام 1950 الذي يمنح أهميةً أكبر للبرلمان. وبين اقتراحات المكتب؛ دورٌ أكبر للامركزية، مع إعادة توزيع ممكن لسلطات الدولة في مجالات الصحة والتعليم والنقل والشرطة وغيرها بين المحافظات وعددها 14 حالياً، أو الأقضية والنواحي. وشددت الوثيقة على أن إصلاحاتٍ كهذه «يمكن أن تساعد على ضمان وحدة البلاد، والاحتفاظ بالمعروض من الخدمات العامة حالياً مع تجنب خطر تفكك سوريا». ووفقاً ل «فرانس برس»؛ تبقى معرفة ما هي صلاحيات اللامركزية «وآلية تقاسم الضرائب التي من شأنها أن تضمن توفير الموارد الكافية للسلطات المحلية. وتلاحظ الوكالة أن هذه الوثيقة تطرح أسئلة أكثر ما تقدم حلولاً. في غضون ذلك؛ قال وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، إن بلاده ليست مسؤولة عن الهجوم الذي أسفر عن مقتل 4 جنود أتراك الأسبوع الماضي في شمال سوريا، كما أخلى مسؤولية نظام الأسد. وكانت أنقرة نسبت الهجوم الجوي إلى قوات الأسد. وصرَّح لافروف خلال مؤتمر صحفي أمس في ألانيا (جنوبتركيا) «لا روسيا ولا سوريا، أو قواتهما الجوية، على علاقة» بما وقع في ال 24 من نوفمبر، مشيراً إلى مناقشة ممثلين عن بلاده وتركيا هذه المسألة بعد الحادث على عدة مستويات. وتدعم أنقرة المعارضة السورية المطالِبة بإسقاط الأسد الذي وصفه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ب «طاغية» و»يداه ملوثتان بالدماء». وتشن القوات التركية عملية عسكرية غير مسبوقة في شمال سوريا تحت اسم «درع الفرات»؛ لدعم فصائل معارضة مسلحة تقاتل تنظيم «داعش» الإرهابي. واعتبر لافروف أن «علينا تحسين التنسيق للتركيز على مكافحة الإرهابيين». وقال «ننسق مع التحالف (الدولي ضد داعش) الذي تقوده الولاياتالمتحدة وتشارك فيه تركيا بهدف تجنب الحوادث غير المتوقعة». وخلال المؤتمر نفسه الذي حضره وزير الخارجية التركي؛ دافع لافروف عن مشاركة بلاده في حملة القصف الجوي الواسعة على مناطق شرق حلب. وتحدث الوزير الروسي عن «اجتماعات تجري حالياً مع المعارضة السورية.. لإقناعها بأن تصبح جزءاً من الحل»، لكنه رفض الكشف عن تفاصيل، مكتفياً بالقول «لم نتجنب مطلقاً الاتصال بكل جماعات المعارضة». فيما دعا الوزير التركي، مولود تشاوش أوغلو إلى «وقف لإطلاق النار» في سوريا وإرسال مساعدات إنسانية. وصرَّح لاحقاً بأن «الحل السياسي هو أفضل حل». وفي أنقرة؛ أكد أردوغان أمس أن تدخُّل بلاده في سوريا يستهدف «منظمات إرهابية»، وذلك بعد يومين من إعلانه أنه يرمي إلى إسقاط الأسد، وهو الإعلان الذي أثار استياء موسكو. وفي خطابٍ أمام نواب محليين؛ صرَّح أردوغان «هدف عملية درع الفرات ليس بلداً أو شخصاً. إنها المنظمات الإرهابية». وشدَّد «يجب ألا يشكك أحدٌ في هذه المسألة التي نطرحها بانتظام. يجب ألا يفسِّر أحدٌ ما نقوله بطريقة مختلفة».