طوبى لهذه المرأة العصامية التي تغلبت على صعاب ومعوقات البطالة وفضلت أن تبيع مع بناتها الجامعيات شاي الجمر على قارعة الطريق بدلاً من أن تمد يدها للآخرين، لا أصنف هذا الإقدام إلا بعزة النفس الراقية والصلبة التي تتحدى حواجز العيش الكريم، ولا نتجاهل أخواتنا العصاميات أيضاً اللاتي يبعن الأكلات الشعبية في بعض المتنزهات، وكم منهن خلعن انتظار بعض الجمعيات الخيرية وشروطها المجحفة في حق الأرملة والمطلقة ناهيك عن كبار السن. مع الأسف البلدية لا تسمح لها بأن تفتح محلاً خاصاً بها لتبيع ما تيسر سواء شاي الجمر أو الأكلات الشعبية، ولكنها تسمح للمستثمر الهندي بذلك، مع العلم بأن هذا حقها في وطنها، إذاً لماذا لا نعتبرها مستثمرة في بلدها؟ حقيقة لا أعرف لماذا هذا التناقض؟ وحتى إذا عرضت صاحبتنا بضاعتها على الطريق إلى جوار المحلات التجارية لا تسلم من مطاردة البلدية لها بحجة أن هذا ممنوع، وبالتالي نحن نحرمها من الترخيص ونحرمها أيضاً من عرض بضاعتها على الرصيف، سؤالي أين تريدون أُم البنات الأرملة أن تبيع شايها بالجمر أن تذهب؟! الغريب في الأمر أن نظرتنا لتجارة المرأة في الألفية الثانية ما زالت هي نظرتنا لهن في أوائل القرن التاسع عشر، رغم أن هناك عادات وتقاليد كنا متمسكين بها أصبحت من الماضي ولا يوجد لها ذكر وكأنها لم تكن يوماً. عندما تزور دول الجوار، خاصة دول مجلسنا التعاوني التي تشاركنا نفس العادات، لا تشاهد المرأة تعرض بضاعتها على الرصيف، ولكنك تشاهدها في محلها المرخص والتجاري تمارس حقها بكل يسر وسهولة، ونحن نعارض حقها في كسب رزقها والأمة مقدمة على رؤية مملكتنا 2030م، ولكن هل نظل هكذا إلى الأبد والعالم من حولنا يتقدم، ربما يستهين بعضهم بتجارة صاحبتنا أم البنات لبيعها شاي الجمر على الطريق، ولكن ربما تكون فاتحة لتجارة أكبر، ويكفيها إصرارها على النجاح وكسب رزقها بالحلال، وهذا بحد ذاته نجاح كافٍ.