يُدرك الجميع أن الاقتصاد السعودي ومنذ تأسيس المملكة على يد المغفور له بإذن الله الملك عبد العزيز آل سعود هو اقتصاد يُشكِّل فيه النفط – كمورد دخل – نسبة تصل إلى 90 %، هذا الاعتماد شبه الكلي هو ما كان يستوجب عزم ورغبة في التصحيح وتقليل هذا الاعتماد الذي يشكل خطرا اقتصاديا كبيرا حال اكتشاف مورد طاقة بديل أو انخفاض الأسعار، انطلاقاً من ذلك فإنني أعتقد أنَّ أهم ما يتصف به عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- هو هذه الرغبة في التغيير وفي وضع استراتيجيات يُرجى منها عمل نقلة نوعية في اقتصاد المملكة. يدشن الملك سلمان -حفظه الله- في زيارته الحالية للمنطقة الشرقية مشاريع تنموية مهمة من شأنها دعم الاقتصاد وتوفير مزيد من فرص العمل للسعوديين، من أهم هذه المشاريع تدشين مدينة الجبيل 2، وتدشين مدينة أُم الخير الصناعية ورعد الشمال اللتين يُقدر حجم الإنفاق عليهما أكثر من 166 مليار ريال، اللافت في الأمر هو ما أشار إليه وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية المهندس خالد الفالح فيما يختص بقطاع التعدين، من أنه من المتوقع رفع عوائد المملكة منه من 64 مليار إلى 100 مليار، ليصل بحلول العام 2030 إلى 240 مليار ريال، هذه المشاريع الصناعية المهمة وإذا ما أضفنا إليها المشروع الإستراتيجي المهم الذي يربط مصر والسعودية «جسر الملك سلمان» الذي سيدعم هو الآخر قطاعات مهمة كالإنشاء والنقل والسياحة بين قارتي آسيا وإفريقيا، كما أنَّه سيرفع حجم التبادل التجاري بين القارتين إلى قيم غير مسبوقة تقدر بترليون دولار، ما يعني استفادة كثير من الدول العربية والإفريقية من هذا المشروع الضخم، كل هذه المشاريع تجعلنا كمواطنين أكثر تفاؤلاً إن شاء الله باقتصاد متين ومتنوع لا يشكل فيه النفط المرتكز الأساسي. في الفترات الأخيرة كانت هناك حالة من القلق والترقب عاشها كثير من المواطنين في ظل انخفاض أسعار النفط، هذه الحالة طبيعية في ظل إدراك الجميع أنَّ النفط هو العمود الرئيس للاقتصاد، في اعتقادي أنَّ هذه المشاريع التنموية الضخمة ستكون سببا مهما في عدم تأثر المملكة بأي هزة قد تصيب هذا القطاع، وهذا الأمر يدعو للتفاؤل باقتصاد أكثر قوة وقدرة على تجاوز التقلبات المختلفة. يحدونا الأمل جميعاً أن تستمر هذا المشاريع التنموية الضخمة وأن تنعكس إيجاباً على رفاه المواطنين، ولا شك أنَّ وزارة العمل معنية تماماً بوضع آليات تضمن من خلالها شغل المواطنين السعوديين الوظائف المتاحة، لا سيما وأنَّ الدولة بذلت كثيرا من المال في ابتعاث الشباب السعودي إلى أفضل جامعات العالم، ما يعني أنَّ استخدام عدم الكفاءة كتبرير لعدم توظيفهم لن يكون مقنعاً، وحبذا لو كانت هناك وبموازاة مدينة أُم الخير الصناعية العملاقة معاهد متخصصة لتدريب السعوديين على الوظائف الفنية تحديدا التي عادةً ما يكون الطلب عليها مرتفعاً، فوجود مثل هذا الأمر يدعم بقوة توجيه النسبة الأعلى من الوظائف إلى المواطنين، -حفظ الله- حكومتنا ووطننا وأدام علينا نعمه في أمن وأمان إن شاء الله.