حائل – خضير الشريهي، بندر العمار القاسم: أكثر ما يفرح المسؤول الفاسد جهل المراجع بحقوقه.. ولا شيء أثقل عليه من واعٍ ومطلع الأحمدي: التوعية يجب أن تكون منهجاً دراسياً اختلفت الرؤى والتوجهات، حول حقوق وواجبات المواطن غير أنها اتفقت جميعاً على أن «الحقوق» التي كفلتها التشريعات والأنظمة والقوانين تحتاج لمن يتبناها، ويشهرها، ويضعها عند تنفيذها أمام من يحتاجها، مع التزام المعنيين بها، وأن الجهات الحكومية، وفي مقدمتها هيئة حقوق الإنسان والجهات القضائية والأمنية، مسؤولة عن توعية المواطنين بحقوقهم وواجباتهم. وأرجع عدد من المعنيين بالشأن القضائي والاجتماعي والثقافي والرياضي عدم الحصول على الحقوق إلى الجهل بها، ووقوف البيروقراطية الحكومية سداً أمامها، وحمّلوا دور التوعية لمؤسسات المجتمع المدني، التي يجب العناية بتكثيف وجودها وإعطائها القوة لممارسة عملها في الإطار الخاص بها، وأكدوا أنه إذا اختفى القانون من نفوس الأفراد، استشرى الفساد في جسم المجتمع، وظهر التقصير في أداء الواجبات النظامية، وانتشرت الفوضى والارتجالية في أداء القطاعات، في حين طالب عدد منهم بأن تكون التوعية بالحقوق منهجاً دراسياً تضمه مناهج وزارة التربية والتعليم، ووصلت المطالبات إلى إنشاء محكمة رياضية تعنى بتطبيق الأنظمة وإنصاف الحقوق. دور طليعي سلطان البازعي ويرى الأديب سلطان البازعي أن المثقف في أي مجتمع هو صاحب دور طليعي ومسؤولية، والتوعية والتنوير من صميم مسؤولياته، خاصة وأنه بحكم ثقافته يتحتم عليه الاطلاع على الأنظمة الأساسية التي تنظم حياة المجتمع، بما فيها حقوق المواطن وحقوق المجتمع، بل يزيد عليها أنه يعرف النواقص في هذه الحقوق ويطالب بها، وإن لم يفعل ذلك فإنه سيكون متقاعساً عن أداء دوره مقصراً في مسؤوليته». وأضاف البازعي «أن ثقافة حقوق الملكية الفكرية جديدة علينا ولم يتم تنظيمها وتنظيم التقاضي حولها إلا بعد انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية، لكن المثقفين في ظني يعرفون بشكل كافٍ حقوقهم في هذا المجال، وربما كانت تنقصهم الثقة في أنهم يمكن أن يحصلوا عليها من خلال التقاضي للجهة التي حددها النظام، وهي اللجنة القضائية في وزارة الثقافة والإعلام، حتى جاءت قضية الكاتبة سلوى العضيدان لتسجل نجاحاً كبيراً لهذه اللجنة التي أصدرت حكمها لصالح الكاتبة دون أن تتأثر بوجاهة خصمها وكثرة مناصريه، والحملة التي قامت ضد الكاتبة للانتقاص من مكانتها في مواجهة الداعية الشهير». التوعية بالحقوق ويحمّل البازعي كل الجهات الحكومية مسؤولية التوعية بالحقوق، وفي مقدمتها هيئة حقوق الإنسان والجهات القضائية والأمنية، وقال «نحن نشاهد حقوقاً تضيع لمواطنين في أروقة المحاكم بسبب جهل المواطنين بحقهم في الحصول على محام تنتدبه المحكمة ليترافع عنهم في حال عدم قدرتهم على تحمل تكاليفه، ونشاهد حقوقاً تضيع لمواطنين في السجون والحجز الأمني بسبب عدم المعرفة بأنظمة الاستيقاف على سبيل المثال، ونشاهد حقوقاً تضيع في أروقة البيروقراطية الحكومية بسبب عدم معرفة المراجعين بالأنظمة وحقهم في الحصول على معلومات عن سير معاملاتهم، فمن الواجب أن يفرض على كل دائرة حكومية، خاصة أجهزة القضاء والأمن، أن تعلن في مكان بارز الحقوق الأساسية لمراجعيها، تماماً كما تتبنى بعض المستشفيات نشر لائحة حقوق المرضى، وفي نظام تأسيس هيئة حقوق الإنسان نص صريح على أن تتبنى الهيئة القيام بحملة إعلامية تستهدف توعية المواطنين بحقوقهم، وهي حملة يجب أن يشارك فيها جميع من تقع عليهم المسؤولية في هذا المجال». حقوق الإنسان واستدرك البازعي قائلاً «إننا نعيش في مجتمع يخطو خطواته الأولى في العناية بحقوق الإنسان بشكلها التنظيمي الحديث المستند إلى تشريعات واضحة، فلابد من زيادة جرعات التوعية بشكل مكثف. ومن المهم هنا الإشارة إلى دور مؤسسات المجتمع المدني، التي يجب العناية بتكثيف وجودها في حياتنا وإعطائها القوة المناسبة لممارسة عملها في الإطار الخاص بها، فإذا كنا نشهد نشاطاً معقولاً لجمعية مثل جمعية حقوق الإنسان، فإن نماذج أخرى مازالت تتعثر بشكل واضح عن القيام بالدور المفترض، وأشير بشكل واضح إلى جمعية حماية المستهلك وهيئة الصحافيين السعوديين». غياب القانون عبدالرحمن القاسم ويقول القاضي في المحكمة العامة في الأحساء الشيخ عبدالرحمن القاسم «ليس سراً أن الثقافة القانونية تحتاج إلى مزيد من العناية والاهتمام، وأن الوسط العام للمجتمع يعاني ضعفا كبيرا في هذا الجانب، ولا أعني بذلك المتخصصين من الأكاديميين والمحامين، بل أقصد أوساط المجتمع وأطيافه بشكل عام، أما المتخصصون فبلدنا يزخر بأعداد كبيرة من البارعين والمتميزين في الجانب القانوني، سواء على المستوى النظري كالأكاديميين والمدربين أو على المستوى التطبيقي كالقضاة والمحامين والمستشارين». نشر الثقافة وأوضح القاسم أن الإشكال يكمن في نشر هذه الثقافة بين أطياف المجتمع الذي يعاني غيابها معاناة كبيرة، ولو كان الضعف مقتصراً على تفاصيل القانون ودقائقه لهان الأمر، لكن الواقع أن الوعي بالحقوق والواجبات القانونية يشمل حتى أبجديات القانون، التي لا يسع الفرد تجاهلها أو عدم معرفتها». وأضاف القاسم «الضعف في هذا المجال يولد إشكالات كبيرة، فمتى اختفى القانون من نفوس الأفراد استشرى الفساد في جسم المجتمع، وظهر التقصير في أداء الواجبات النظامية، وانتشرت الفوضى والارتجالية في أداء القطاعات، بخلاف ما لو ساد القانون وعرف كلٌّ ما عليه من الواجبات والالتزامات، وحدوده وصلاحيات عمله». استغفال واستغلال ويؤكد الشيخ القاسم أن «أكبر ما يفرح المسؤول الفاسد هو جهل المراجع بالحقوق التي كفلها له القانون، فيصبح تحت رحمته، إن شاء استجاب لطلبه وإن شاء تعسف وامتنع، ولا شيء أثقل عليه وأشد من مراجعٍ مطلع وواعٍ قرأ الأنظمة واطلع على التعليمات قبل مراجعته، حينها تنقلب الطاولة ويصبح المراجع سيد الموقف، فلا أحد يستغفله أو يستغله». ويضيف الشيخ القاسم «الحق أن ضعف الوعي يعود للفرد نفسه؛ فبإمكانه زيادة حصيلته القانونية، بالرجوع إلى الأنظمة واللوائح التي تقتضي مصالحه التعامل معها ومع جهاتها وتعاهدها واستحضارها، وليس المطلوب استحضار جميع الأنظمة واللوائح، إنما يكفي إدراك الأنظمة التي يحتاج إلى التعامل مع جهاتها، ولا يستدعي الأمر سوى الرجوع إلى مواقع الأنظمة الإلكترونية وتصفح النظام المطلوب كاملاً ولائحته، وأخذ تصور تام عن العمل المراد إنجازه؛ حتى يكون على بصيرة بحقوقه والتزاماته». دورات قانونية وأشاد القاسم ببعض المناشط والجهود التي تسهم في رفع مستوى الوعي القانوني لدى أفراد المجتمع، ومن أبرزها الدورات القانونية التي تقيمها بعض المراكز التدريبية المتخصصة لتسليط الضوء على بعض الموضوعات القانونية، وإن كان أكثرها بسعر مرتفع يجعل شرائح كبيرة من أفراد المجتمع تحجم عن المشاركة فيما يطرح فيها، ومنها بعض المواقع الإلكترونية التي تعنى بنشر أنظمة الدولة ولوائحها، وفي مقدمتها موقع المركز الوطني للوثائق والمحفوظات، الذي تنشر فيه الأنظمة واللوائح، وإن كان ينقصه التحديث بشكل مستمر، ومنها ما تسهم به بعض الجهات الحكومية من نشر الأنظمة المتعلقة بأعمالها عبر مطويات أو كتيبات صغيرة تنتشر في أروقتها، كما أن لبعض المهتمين من القضاة والمحامين جهوداً لا تُنكر في نشر الوعي في هذا المجال، عن طريق منتديات متخصصة في الدراسات المتعلقة بالشأن القانوني، أو عبر صفحاتهم الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي، ومع ذلك فلانزال بحاجة إلى جهود أكبر ومناشط أوسع للرقي بهذا الجانب». نصوص نظرية فهد الأحمدي ويرى الكاتب الصحفي في صحيفة الرياض فهد بن عامر الأحمدي، أن المواطنين والصحفيين لا يعرفون حقوقهم، مشيراً إلى أنه واحد منهم، عازياً السبب إلى أن الحقوق لم تصبح إرثاً إنسانياً، ولم تمارس أو تصبح تطبيقاً، وستظل نصوصاً نظرية لا يتذكرها أحد حتى وإن عرفنا بوجودها، لأنها لم تدخل في صميم الثقافة نفسها، ودخولها سيكون من خلال الممارسة، فعلى سبيل المثال أنظمة المرور أو الجوازات نعرفها من خلال الممارسة، والترسيخ يأتي من كثرة التداول، ولكن الحقوق العامة مازالت نظرية. منهج دراسي وطالب الأحمدي بأن تكون التوعية منهجاً دراسياً، ولكن ما هو أهم من المنهج الدراسي تطبيقها بالفعل، لأنه حين لا تطبق القوانين فإن المواطن يلجأ إلى الواسطة، خصوصاً عندما لا تكون تلك القوانين واضحة، فنحن نبحث عن منهجية الأمور، وهناك ما يسمى بهندسة الإجراء، وهو ما يعني الانتقال بإجراءاتك ترتيبياً من ألف إلى باء إلى تاء إلى جيم، ففي حين يذهب المواطن من جيم إلى ألف، ومن ثم إلى تاء، فيظل في حيرة، فلذلك يبحث عن الواسطة. وأكد الأحمدي أن المواطن لايزال يجهل حقوقه، بسبب أن القوانين لاتزال نظرية ولم تطبق. محكمة رياضية صالح ا لحمادي وأكد الكاتب الصحفي صالح الحمادي ضرورة إنشاء محكمة رياضية، مشيراً إلى أن لجنة الاحتراف تغض الطرف أحياناً، إما مضطرة أو مغصوبة، ويجب أن لا يتسول الرياضيون حقوقهم، بل يجب أن تعطى للرياضي حقوقه. ويضيف الحمادي «بكل أسف قلة من الرياضيين الممارسين من يدركون هذه الحقوق، والقلة أيضاً هم من القلة المثقفين أو المتعلمين، وهذا أمر غير جيد ومؤسف، لأنهم من الشباب، والشباب من المفترض أنهم يركزون على العلم والمعرفة حتى وإن كانوا متفوقين رياضياً». العلم والمعرفة ويؤكد الحمادي على ضرورة التسلح بالعلم والمعرفة لتصبح لدينا فئات يعرفون ما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات، كما ينبغي نقل العلم والمعرفة والثقافة بالاحتراف الرياضي، ليكون لدينا شباب على مستوى كبير من الإدراك والوعي، حتى وهو يعتزل الرياضة يكون عاملاً يسهم إسهاماً كبيراً في رياضة البلد». وأضاف «أن الرياضيين يخرج منهم دكاترة ومهندسون وإعلاميون وأطباء وصحفيون ورجال أعمال ومفكرون ناجحون في كل الجوانب، ولكن هؤلاء قلة لا يشكلون أكثر من 30%، والغالبية أكثر من الثلثين لا يدركون هذا المعنى، لأنهم ما إن أبدعت أبدانهم في الرياضة حتى انصرفوا عن تطوير العقل، وحتى يعرفوا ما لهم وما عليهم من حقوق وواجبات تجاه الوطن والمواطن متى ما كانوا محترفين أو مشهورين.»