قلّل محامون وحقوقيون من أثر الجهود المبذولة في التوعية بالأنظمة المرعية في الداخل السعودي. وأشاروا إلى أن الجهود الإعلامية والتثقيفية والفعاليات المنبرية التي تعمل على نشر الثقافة القانونية والحقوقية لا تزال دون المستوى. واستدلّ الحقوقيون والمحامون بتزايد القضايا، التي تكشف التحقيقات والنظر فيها جهل كثير من أطرافها بالأنظمة المعمول بها. وطالب الحقوقيون بضرورة أن تُحمل الثقافة القانونية والحقوقية على محمل الجد على نحو أكثر فاعلية وتأثيراً بين المواطنين والمقيمين. وشدّدوا على أن تكون المسائل القانونية البديهية في صدارة الأنشطة التوعوية، وبالذات فيما يخصّ الأحوال الشخصية وأنظمة العمل والحقوق العامة.
ثلاثون ألف شكوى وقال رئيس جمعية حقوق الإنسان الدكتور مفلح القحطاني إن الجمعية استقبلت نحو ثلاثين ألف شكوى وقضية منذ إنشائها، منبّهاً إلى أن كثيراً منها يعكس مدى جهل الأشخاص بالإجراءات القانونية الواجب اتباعها.
الجهل بالقانون أما المحامي والمحقق في هيئة التحقيق والادعاء العام السابق خضران الزهراني، فقال إن الإحصاءات تشير إلى أن %60 من القضايا المنظورة لدى المحاكم حالياً يكون الجهل بالنظام أحد أسبابها. وأضاف أن %30 من الأحكام القضائية تصدر على محكومين بسبب جهلهم بالأنظمة والتشريعات، موضحاً أنهم لا يقدمون ما لديهم من حجج بطريقة صحيحة وهو ما يؤدي إلى ضياع حقوقهم. وأشار إلى أن المجتمع يحتاج إلى تثقيف أكثر بنظام المرافعات الشرعية، لاختصار كثير من الجهد والوقت في تقديم الدعوى، إذ لابدّ أن يكون أطراف القضايا على دراية بطريقة إعداد صحيفة الدعوى بالشكل الصحيح، مضيفاً «لو أن المترافعين أو المدعين على دراية بالنظام لتغير الحال في المحاكم». وقال الزهراني إن كثيراً من الخلل يقع بسبب جهل الناس بالقانون المدني، ونظام المرافعات الشرعية، لافتاً إلى أن المجتمع ينظر إلى معاقبة مرتكب الجريمة على أنها انتقام منه، بدلاً من أن يراها رد فعل اجتماعياً بعيداً عن الفوضى. وأضاف «يجب أن يكون تسليط العقوبة بطريقة منظمة ومتقنة، فالقاتل لا يقتل على الفور، بل لا بد من التحقيق في شخصيته السوية، والظروف المحيطة بقضيته سواء كانت مادية أو اجتماعية أو نفسية، معداً أن كل هذه القواعد تهدف إلى محاكمة مرتكب جريمة تضبط ضبطاً واضحاً من خلال لائحة الإجراءات الجزائية.
وعي منخفض ورأى قاضي ديوان المظالم في الرياض أحمد الصقيه، أن الوعي لدى المجتمع منخفض جداً، ونحن نسعى إلى تثقيف المجتمع، لذا صدر قرار مجلس الوزراء العام الماضي القاضي بقيام وزارة الإعلام بالشراكة مع جهات أهلية معتمدة، بنشر الأنظمة بالتنسيق مع وزارة المالية والمركز الوطني. وبدوره دعا القاضي المساعد في دائرة الأوقاف والمواريث في محافظة القطيف محمد الجيراني، المسؤولين إلى تثقيف المجتمع بالقانون، مضيفاً أن %70 من القضايا التي تعرض عليه ناتجة عن جهل بالأنظمة. واقترح الجيراني استغلال الشوارع العامة لنشر بعض الأنظمة أو اللوائح، وأن يعمل خطباء المنابر على نشر الأنظمة، معرباً عن أمله في إصدار مجلة موسمية تتضمن تعريفات مبسطة بالأنظمة.
حقوق ضائعة من جهته أوضح المحامي عبدالعزيز الزامل، أن عدداً كبيراً من موظفي الجهات الإدارية يجهلون أنظمة الخدمة المدنية، وقد يرتكبون مخالفات في العمل بالتجارة وغيرها من المخالفات الجزائية، دون معرفة العواقب نظير جهلهم بالقوانين الإدارية والجزائية، كما أن موظفي القطاع الخاص قد تضيع عليهم كثير من الحقوق العمالية. بسبب جهلهم بحقوق العامل والتزامات رب العمل والمدد النظامية، مثل سقوط رفع الدعوى بالتقادم وغيرها. وأضاف أن نساء كثيرات يجهلن أنظمة الأحوال الشخصية وتشريعاتها، وهو ما يترتب عليه تفكك الأسرة، وضياع حقوق الزوجة والمحضونين بما لهم من حقوق النفقة والرعاية الصحية والتربية الأسرية السليمة، مطالباً بالرجوع إلى بيوت الخبرة القانونية للحيلولة دون الوقوع في مخاطر ضياع الحقوق.
خمسة آلاف قضية وأبان المستشار القانوني في دار الحلول القانونية إبراهيم البحاري، أن المحاكم تتلقى ما بين ألف إلى خمسة آلاف قضية جنائية، ونحو 21 ألف قضية حقوقية شهرياً، مؤكداً أن كثيراً من هذه القضايا يكشف جهل المجتمع بهذين الجانبين. وطالب الجهات المعنية بتدريس منهج قانوني جيد، لإعداد جيل لديه الوعي السياسي والقانوني.