عند كتابة هذه المقالة، كسر سعر النفط حاجز الخمسين دولاراً، نزولاً. غير أن (the World Bank) البنك العالمي ونسبة لا بأس بها من المحللين الاقتصاديين الكبار يتوقعون ارتفاعاً قوياً يرونه في الأفق مع بداية عام 2017 بنسبة 25 %. هذه بلا شك أخبار سعيدة لاقتصادنا. سيرتفع السعر لأن استهلاك النفط سيفوق الإنتاج مرة أخرى وذلك بسبب تقلص كميات البترول المعروضة في الأسواق العالمية وبسبب التوقعات التي تقول إن معدل إنتاج النفط الروسي سوف ينخفض، وبسبب الكساد الاقتصادي الذي يعيشه العالم اليوم، وبسبب خطط الترشيد والتقشف. نعم، كانت هناك زيادة في العرض بالسنوات الماضية، وزيادة العرض كما تقول مبادئ الاقتصاد تؤثر على الطلب. وصحيح أن النفط الصخري الأمريكي ما زال يشكل معضلة، وأن الأمريكيين قد زاد حماسهم من جديد في الآونة الأخيرة للتنقيب، وأنه لا صحة أبداً لحكاية إغلاق الشركات الأمريكية وتسريح عمالها، فالذي أغلق شركات صغيرة لا قيمة لها، أما التنقيب فما زال قائماً على قدم وساق. بل هو الذي سبب تخمة لسوق النفط وكثّر المعروض وتسبب في انخفاض الأسعار منذ 2009 رغم أن النفط الصخري ليس سوى فيلم قصير سرعان ما سينتهي. هذه التخمة لن تدوم للأبد، بل ستكون 2017 سنة انتعاش حقيقي لأسعار البترول، فالنفط الصخري لا يغني عن أنواع النفط الأخرى، خصوصاً التي تنتجها منطقتنا العربية. وخصوصاً بعد قرار دول أوبك (Organization of the Petroleum Exporting Countries) أن تخفض إنتاجها بعد فترة طويلة من الإنتاج غير المقيد. نعم، نعتقد أنه كان بإمكان دول أوبك أن تواجه أزمة النفط الصخري بأداء أفضل مما قدمته، وأنه كان بإمكانها أن تكون فاعلة (لا منفعلة) في السوق بدور مؤثر أقوى، وأنها كان من المفترض أن تكون هي المتحكم المسيطر الذي يدير أسعار النفط بصورة أكبر من أي طرف آخر. لكن كل هذا قد مضى الآن، وقد عادت الرياح الآن لتهب في صالحنا دافعة أشرعتنا إلى الأمام في 2017. ما أود قوله في هذه المساحة، أن البترول لا يزال سلعتنا الكبرى، ونحن مع الأسف لم ننجح في إيجاد مصدر دخل جديد إلى هذه اللحظة، كما أننا لم نستطع أن نحافظ على سعر سلعتنا الوحيدة حيث نريده. البترول هو سلعتنا الاقتصادية الأساس فلنبعده عن المعارك السياسية. هو مصدر دخلنا الأساس فلنبعده عن الحروب التي ستجعله هدفاً لضربات الحروب. من المتوقع أن يصل سعر البترول في 2017 إلى سعر 57 دولاراً للبرميل، وإذا استطعنا أن نجعل سعره في العقود الطويلة المقبلة يتراوح ما بين 60 إلى 70 دولاراً فسيكون هذا نجاحاً وإنجازاً كبيراً لنا، في المملكة ودول الخليج. هذا السعر يكفينا تماماً، هو رقم كاف لاستدامة التنمية وتغطية احتياجاتنا وتوفير رواتب موظفي الدولة، إنه رقم يكفي وزيادة. في الوقت ذاته هو سعر مناسب لزبوننا العالمي الذي سيكون من الحكمة أن نحافظ عليه بدلاً من كسر ظهره بأسعار مخيفة ستدعوه بلا شك إلى البحث عن بدائل. المحافظة على الزبون هو الفكرة الأساسية الأولى لدى كل تاجر، فلنحافظ على من يأتينا يريد الشراء، بدلاً من الركض وراء العودة لسعر ال 140 دولاراً لمجرد أنه حدث ذات يوم، نعم لقد حدث، لكن حدث بعده استخراج النفط الصخري في 2009، ولولا وصول سعر النفط إلى 140 دولاراً لما سعى العالم للاستغناء عنا.