صارت السنة كالشهر، والشهر كاليوم، واليوم كالساعة، والساعة أقصر من استغراق أحدهم في صياغة مجموعة كلماتٍ كيفما اتفق نحوها وإملاؤها لا تتجاوز 140 حرفاً، قبل أن تطير بها شبكات التواصل وتنسجها الألسن قصصاً وحكايات، فتنقلب الأمور رأساً على عقب، ويتسابق الأخلاء في البراءة من أخلائهم يوم لا ينفع منصب ولا عشير كلما اشتدت المحنة وساء المصير، ذلك في الفضاء الإلكتروني العام، أما في الفضاءات الإلكترونية الداخلية أو ما يسمى «بالأتمتة» أو تحوّل المعاملات الإدارية في المؤسسات الحكومية أو الخاصة من معاملات ورقيّة إلى معاملات إلكترونية رغم تدني مستواها في كثير من المؤسسات الحكومية وممانعتها لتطبيقها – التعاملات الإلكترونية – وتميّز مؤسسات أخرى نخص منها الأمنية أكثر من غيرها ونشيد بتطورها، وفمن محاسن هذا التسارع في التداول والبحث والتوثيق ما قد يصبح عياناً بياناً ضد المستنفعين من أماكنهم التي من المفترض أن تكون مسؤولية لا سائبة، وأمانة لا خيانة، و»خيركم للناس أنفعكم للناس» هي منطلق الإنتاجية، أما «الأقربون أولى بالمعروف» فهي في حدود العلاقات الخاصة والدفع إليهم من الحق الخاص لا من مال الدولة على حساب سمعة مؤسساتها وحقوق الأولى بها. إن خروج المملكة من قائمة الدول ضمن تصنيف الإنتاجية لم يأتِ من فراغ، بل إن المحسوبيات في كل أشكالها ومنها «الواسطة» التي تعد رأس الفساد الإداري وظاهرة صوره، هي المعول الذي يكاد أن يهدم قواعد التنمية المنشودة. نحن يا سادة شركاء الحاضر والمصير، ولا يعفينا من المسؤولية الفرح بمصير المستنفعين أو التصيد في أثرهم، بل العمل على إصلاح أنفسنا حتى يصلح الله أمرنا.