كانت تعيش في محيط صغير للغاية.. وفي واقع محدود جداً.. وأحلام بسيطة.. ورؤى تغلفها البراءة.. بل السذاجة، كانت حياتها هي البراءة بعينها.. وبكل معانيها.. كانت كل حياتها تقوم على اللّعب مع قريناتها. فليلهن يمضي في (عشرة عشرين) و(فتّحي يا وردة) وأما النهار ففي تجميع العلب الفارغة ليلعبن بها.. وأيضا كنّ يتّخذن من البنات اللواتي يصغرنهن عمرا أطفالاً لهن يرضعنهن.. يمشطن لهن شعورهن.. يداعبونهن.. بأسلوب بريء.. بل فائق البراءة. وكانت مستمتعة بحياتها لأقصى درجة.. حتى إن مرور الناس الدائم من حولهن.. لم يكن يثير في عقولهن أي سؤال أو ملاحظة..فضلا عن اهتمام! لقد كنّ مستغرقات في طفولة صادقة.. وسعادة حقيقية، حتى كانت اللحظة التي مرّ فيها.. وتوقّف.. ومرّر يده على شعرها.. وهمس: ما أحلاك! تلك اللمسة.. وتلك الهمسة.. كانت بداية خروجها من عالمها: الصغير.. البريء.. البسيط.. إلى عالمه: الكبير.. الخبير.. والجميل ! منذ تلك اللحظة بدأت.. تهرب من صديقاتها.. بدأت تمل.. من (عشرة عشرين)..ومن تجميع العلب الفارغة لقد سرقها من لعبها.. وصديقاتها.. ومحيطها وواقعها.. لقد هرب اهتمامها إليه هو فقط.. متى سيمر؟ ومتى يتوقّف؟ ومتى يناديها ؟ وماذا سيقول لها اليوم؟ لقد أحدث ظهوره.. انقلاباً هائلاً في حياتها.. وحتى وهي تسمع كلمات اللوم والعتاب حينا.. والاستعطاف والاستجداء أحيانا أخرى.. من قبل صديقاتها! للعودة إلى عالمهن،.. لكن هيهات.. كانت الأمور قد تغيرت داخلها كليا.. بدأت تشعر أنها أكبر منهن..وأنه لا يليق بها اللعب معهن! بل بدأت تضحك (معه) على استغراقهن في هذه الأشياء العادية! بدأت تهتم بنفسها ولبسها وشعرها.. بدأت تشعر أنها تمتلك أجنحة.. تطير بها.. معه.. وله.. وإليه.. .. أجنحة تطير بها : .. من عالم البراءة.. إلى عالم الحب!!