«ما أنا ذاهب للتسلط على البلاد… لأن البلاد بلادي والأهل أهلي وما أنا بينهم إلا داعياً بالأعمال قبل الأقوال، داعياً إلى توحيد الكلمة، وجمع الصف، ولمِّ الشعب، وإعادة الناس إلى فطرة الإسلام الصافية، ومثلها العليا، وهذه البلاد بلاد مقدسة، وهي لجميع المسلمين مفتوحة الأبواب لا فرق فيها بين مسلم ومسلم». هذه رسالة الرجل والعبد الصالح المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود، طيب الله ثراه، لأهل الحجاز عندما قرَّر التوجه إليها، ويُلاحظ في الرسالة التي بعثها إلى أهلها، تأكيده على أنها ديار مقدسة للمسلمين كافة. لقد طمأنهم وأمَّن روعهم حيث إن الجزيرة العربية كانت تتميز في تلك الحقبة من الزمن بكونها مرتعاً للنهب والسلب والقتل، هذا إضافة إلى ما كان يفعله قطاع الطرق. لقد كتب لهم في رسالته كلمات ذات مضامين أبوية حانية وعاطفية من القلب إلى القلب: «أنتم مني وأنا منكم والبلاد بلادنا جميعاً». وسبقت أفعاله أقواله، وكانت أعماله جلية واضحة في الأماكن المقدسة بعد توحيدها تحت حكمه. لقد نهض الملك عبدالعزيز، رحمه الله، بأطهر وأقدس مكانين على وجه الأرض: مكةالمكرمة والمدينة المنورة، رغم قلة المال وضنك العيش، وعدم توفر مصادر دخل أو موارد مالية، وأمَّن الطرق للحجاج والمعتمرين «كل الطرق التي يسلكونها متوجهين إلى الديار المقدسة في المملكة العربية السعودية» على الرغم من قسوة التضاريس ووعورتها وقلة سالكيها، ووحَّد كلمة المسلمين، ولمَّ شتاتهم بعد أن مزَّقتهم وأرهقتهم الفتن و»التطاحن» والنهب والسلب. أعلنها بقوة أن بلادنا بلاد مقدسة ملتزمة بكتاب الله والسُّنة النبوية المطهرة، مفتوحة أبوابها لجميع المسلمين كل المسلمين من جميع دول العالم. هذه رسالة الملك الموحد عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود قبل أكثر من مائة عام، وقد سار على خطاه ونهجه ملوك هذه البلاد حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حفظه الله. رحم الله الملك عبدالعزيز، وجزاه عن الإسلام وأهله خير جزاء.