في الأشهر القليلة الماضية، زرت بلداناً أوروبية، وفي مساجدها التقيت مسلمين من مذاهب شتى، كلٌّ يمارس شعائره بحسب معتقده، ولم أجد أحداً يتشاجر مع آخر، بل كانت تدور بيننا حوارات دينية في جَوٍّ يسوده السلام، دون أن يُدخِل أحدُنا سياسةً في مذهب. سألني أحد الإخوة من المذهب الشيعي: لماذا أنتم أهل السنة تتجنبون السلام على آل البيت، فلا تقولون: فاطمة عليها السلام، أو علياً سلام الله عليه؟ قلت: بل ونصلي عليهم في الليل والنهار، قبل خروجنا من كل صلاة، كما نُسلم على جميع عباد الله الصالحين، وذلك في التشهدين، فنحن وأنتم بصفتنا مسلمين، مطالبون بذلك وليس مقصوراً عليكم فقط، إنما لا ينبغي لأيٍّ مسلم أن يؤلههم أو يعتقد في أحدٍ منهم من دون الله وحده لا شريك له، ولا يوجد ما ينهانا من أن نقول عن أحد من آل البيت: سلام الله عليه، أو عليه السلام، فليس في هذا شرك، بل هو دعاء متاح لجميع المسلمين. ومما يثلج الصدر أن كثيراً ممن التقيتهم هناك من سنة وشيعة، يَصِلون بعضهم ويُصَلّون معاً، ولم ألحظ أي عداء بينهم، ولا يوجد مُسلمٌ أحق بآل البيت من مُسلمٍ آخر، وليست القضية أن ينتصر مسلمٌ على آخر. الفِرقُ والطوائفُ باتت أمراً مُسَلَّماً به، ومردها جميعاً إلى الله، جل شأنه، ليفصل بينهم يوم الفصل، بيد أن ساسة إيران جعلوا من حب آل البيت مدخلاً للنزاع بين المسلمين عن طريق تأجيج مشاعر البسطاء منهم، ففرقتهم وأوهنت شوكتهم من أجل تحقيق أهدافها السياسية، ولو كانت صادقة في اعتقادها بمذهبها لمارسته بكامل طقوسه داخل حدودها دون الاستماتة في تصديره إلى شعوب أخرى. قلت: إذا وجدت أحداً يكرهك، فلا يعني هذا أنك سيئ، بقدر ما تكون ناجحاً في شيءٍ فشلَ هو فيه.