قبل ساعتين من استشهاده مساء السبت الماضي؛ عاد شهيد الواجب رئيس الرقباء موسى القبي إلى منزله في حي البادية بالدمام وعانق أطفاله الأربعة، ثم تجوَّل في المنزل وخرج لاستكمال عمله في مناوبةٍ مسائيةٍ بين ال 6 مساءً ومنتصف الليل. ويُعلِّق أخوه إبراهيم القبي على ذلك بقوله: «حضنهم واحداً واحداً وكأنه يودعهم الوداع الأخير» قبل 120 دقيقة تقريباً من استشهاده إثر إطلاق نارٍ على دوريةٍ أمنية في سوق الخضرية في المدينة نفسها. وأعلنت وزارة الداخلية، في بيانٍ لها الأحد، إصابة طاقم الدورية المؤلَّف من رئيس الرقباء القبي وزميله الجندي نواف محماس ضيف الله العتيبي، وانتقالهما إلى رحمة الله أثناء نقلهما إلى المستشفى. وأكد إبراهيم القبي ل «الشرق»، التي زارت أمس مقر العزاء في إحدى القاعات، أن أخاه موسى (45 عاماً) عُرِفَ بالإخلاص والسمعة الحسنة والحرص على العمل طيلة الوقت. وقضى الشهيد 22 عاماً في السلك العسكري بدءاً من عام 1415 ه حتى وصل إلى رتبة رئيس رقباء. وكان بداية عمله على رتبة وكيل رقيب، إذ عُيِّنَ في الضبط الإداري للمخالفات في الدمام، والتحق لاحقاً بالدوريات الأمنية. وتذكَّر إبراهيم واقعة بقاء أخيه داخل أحد المستشفيات لنحو 45 يوماً، وذلك قبل 3 أعوام، بعدما تعرَّض ل 3 طعنات أثناء محاولته منع أحد الأشخاص من قتل امرأةٍ في المخطط رقم 8. لكن تلك الطعنات الغادرة جعلته أكثر إصراراً على مواصلة العمل في المجال الأمني إلى أن تحققت أمنيته وهي الوفاة شهيداً، بحسب ما أكد إبراهيم. والشهيد، وفقاً لأخيه، متزوِّج؛ ومن مواليد أبو السلع في منطقة جازان، وهو أخٌ ل 5 ذكور و3 إناث؛ والوكيل الشرعي لأشقائه بعد وفاة والديه. وله من الأبناء 4، أكبرهم طارق (12 عاماً)، تليه تولين (5 أعوام)، وعبدالرحمن (عامان)، ثم الطفل الرضيع خالد (شهر واحد). ويذكُر إبراهيم أن موسى درس في مدينة صامطة وأكمل المعهد العلمي فيها، قبل أن يلتحق بالسلك العسكري. وقبيل استشهاده؛ اتفق بعض المقربين من موسى على تنظيم رحلة بحرية إلى شاطئ نصف القمر تمتد لعدة أيام. ويروي إبراهيم: «لكن الشهيد اعتذر نتيجة ارتباطه بالعمل في عيد الأضحى، فيما وصل بعض الأقارب من جازان». وفيما كان حلم الشهيد على المستوى المهني تحقيق الإنجازات الأمنية والوفاة شهيداً؛ كان حلمه على المستوى الشخصي شراء منزل بالتعاون مع زوجته التي تعمل مدرِّسة. أما هواياته؛ فكان منها متابعة كرة القدم وتشجيع نادي النصر، علماً أنه مارس اللعبة كهاوٍ في ناديي الاتفاق والقادسية. وثمَّن أخوه تقديم أمير المنطقة الشرقية، صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز، العزاء للأسرة، ما كان له الأثر البالغ في نفسه ونفوس أفرادها. كذلك؛ تلقَّى إبراهيم كثيراً من الاتصالات من خارج المنطقة قدَّم أصحابها العزاء والمواساة. ولاحظت «الشرق» أن طارق، نجل الشهيد، كان مشارِكاً في استقبال المعزِّين من المدنيين والعاملين في السلك العسكري رغم صغر سنِّه، وبدت عليه ملامح الافتخار بكون والده شهيداً؛ خصوصاً عند سماع عبارات الإشادة من زملاء العمل الأمني. والتقط طارق صورةً تذكاريةً مع مدير عام إدارة أمن الدوريات في المملكة، صالح الصالح، الذي حضر لتقديم التعازي.