ما يهم العرب في الانتخابات الروسية هو موقف روسيا -وخصوصا الرئيس الفائز- من القضايا العربية، وما هي آليات التأثير على القرار الروسي بخصوص تطورات الوطن العربي. من المفيد أن نعرف أن وسائل الإعلام الروسية عموما تقع تحت تأثير اللوبي اليهودي الروسي واسع التأثير فيها وفي قطاع الاقتصاد والأعمال عموما، ورغم محاولات بوتين للحد من هذا التأثير وتعرضه لرؤوس يهودية كبيرة بالملاحقات القانونية، فإن الواقع يؤكد سيطرة اليهود الواضحة على هذه القطاعات. ومن المفيد أيضا أن نذكّر بأن المواقف الروسية الرسمية بخصوص القضية الفلسطينية بقيت أفضل بكثير من المواقف الأوروبية والأمريكية. ولعل زيارة مدفيديف إلى أريحا وإصراره على الذهاب دون المرور بالإسرائيليين، ومواقفه الأكثر وضوحا -بخصوص الاستيطان والقدس- من كل الدول الغربية، كلها عوامل جعلت الموقف الروسي مميزا. إلا أن الطامة الكبرى برزت عندما تبنت روسيا مواقف النظام السوري مما يحصل من ثورة شعبية. وهنا تقول روسيا إن الربيع العربي صناعة غربية، حاول الأمريكيون تطبيقها في دول الاتحاد السوفييتي السابق بعد الانهيار وفشلوا، وأن في سورية أخر قاعدة عسكرية روسية والوحيدة على شواطئ البحر المتوسط، ولا نريد تكرار تجربة ليبيا..إلخ. لكن الواقع أن الثورات العربية ليست فيلما أمريكيا أو غربيا، رغم أن هؤلاء يحاولون تسلق الموج، وأن ما تم التأكد منه حتى الآن أن روسيا تقدم أكبر خدمة للولايات المتحدة وإسرائيل والغرب بموقفها من الموضوع السوري. وقد قال أحد كبار الباحثين في معهد الإندبندت الأمريكي إن الموقف الروسي من سورية مريح جدا للأمريكيين الذين يتعرضون لضغوط إسرائيلية هائلة لعدم التدخل العسكري، بل ومنعه ضد النظام السوري. وفي نفس الوقت فإن الإدارة الأمريكية تريد إرضاء الرأي العام الأمريكي والدولي الذي يرفض المظالم والمجازر. ولذلك فإن الموقف الروسي الذي يجر معه الموقف الصيني بعد اتفاقيات التعاون الأخيرة بين البلدين.. جاء بالفعل على طلب أمريكا والغرب. واللافت أن الرأي العام الروسي متوافق مع رأي حكومته، بفعل تأثير الإعلام الروسي الواقع في قبضة اليهود. فإذا كانت موسكو لا تؤمن بالدموع كما يقال.. فإن السوريين ينتظرون أن يثبت بوتين إنسانيته بعد دموع الانتصار.