عبرت وسائل إعلام يهودية وأمريكية وروسية عن مخاوف من دخول العلاقات الإسرائيلية - الروسية مرحلة شقاق وتباعد بسبب عدد من التحركات الاستراتيجية التي قامت بها روسيا مؤخراً في الشرق الأوسط، وذلك وسط توقعات بحدوث تقارب روسي - سوري يدفعه مساعي روسيا لتحقيق عدة أهداف استراتيجية من خلال مشاركتها النشطة في عملية التسوية بين (إسرائيل) وسورية. فقد رأت وكالة الأنباء اليهودية (جيوش تلغراف أجنسي) في مقال نشرته في أواخر شهر يناير أن مخاوف (إسرائيل) من الدور الروسي بمنطقة الشرق الأوسط يتعدى صفقة الأسلحة الروسية لسورية والتي كشفت عنها مؤخراً بعض وسائل الإعلام الروسية ما أدى إلى حدوث توتر ملحوظ في العلاقات الروسية - الإسرائيلية، إذ يخشى الإسرائيليون من أن روسيا تسعى إلى بناء محور نفوذ ثلاثي في الشرق الأوسط يتكون من ايران وسورية وتركيا لضمان إعادة بناء نفوذها السياسي بالمنطقة ذات الأهمية الاستراتيجية الدولية. ورأت الوكالة ان روسيا مدفوعة في تحركاتها السابقة بشعورها بتدهور مكانتها الدولية وبرغبتها في استعادة هذه المكانة التي تعرضت لمزيد من التهديد مؤخراً بعد سقوط نظام صدام حسين في العراق. وأوضح المقال ان روسيا هي ثاني أكبر شريك تجاري لتركيا بعد ألمانيا، كما انها زودت ايران بخبرات في مجال المفاعلات النووية، كما ان روسيا تسعى لضم سورية للمحور الجديد من خلال تزويدها بصفقة الصواريخ التي كشف عنها مؤخراً، كما أكد المقال على أن (اسرائيل) تخشى من أن تؤدي التحركات الروسية لتعقيد الطريقة التي تريد (اسرائيل) ان تسير بها عملية التسوية وعلاقاتها بالدول المجاورة لها. وذكر المقال ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رفض الرد على سؤال وجهه له رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون طالبه فيه بإبطال صفقة الأسلحة لسورية، وذلك خلال اتصال هاتفي تم بينهما في العشرين من يناير (كانون الثاني). وكشف المقال عن أن التدهور الحالي في العلاقات الإسرائيلية الروسية يعود لأواخر العام 2003 بسبب رفض بوتين بعض طلبات شارون بخصوص خارطة الطريق، وفي العام 2004 فاجأ وزير الخارجية الروسي أقرانه في (اسرائيل) عندما رفض المساواة بين موقف روسيا من المسلحين الشيشانيين وموقف (إسرائيل) من المسلحين الفلسطينيين، كما استخدم الرئيس بوتين عبارة (الصهيونية) بشكل سلبي في زلة لسان تفوه بها في ديسمبر الماضي حين وصف معارضيه باستخدام «شعارات صهيونية معادية لروسيا». كما تخشى (اسرائيل) من أن تدهور علاقتها بروسيا سوف يؤثر سلبياً على الملف النووي الإيراني لأن (اسرائيل) تعتقد ان تعاون روسيا ورغبتها في الضغط على ايران هما شرطان ضروريان لنجاح الجهود الغربية الساعية للضغط على ايران ومنعها من تطوير أسلحة نووية. وفي السادس والعشرين من يناير أشارت جريدة (نيويورك صن) الأمريكية إلى تعرض العلاقات الإسرائيلية الروسية لمشكلة اضافية بعد أن وقع عشرون عضواً من أعضاء البرلمان الروسي خطاباً يهاجمون فيه اليهود الروس ويطالبون باصدار قانون يحظر قيام جميع التنظيمات اليهودية الدينية والعرقية معتبراً اياها منظمات متطرفة. وتضمن الخطاب لغة شديدة الاساءة لليهود الروس حيث وصفهم بتشجيع العداء للسامية وبالعداء للمسيحية واتهم اليهود بالسيطرة على العالم. وقالت الصحيفة ان الخطاب أزعج الحكومة الإسرائيلية خاصة وانه يأتي في فترة تمر العلاقات الإسرائيلية الروسية بمنحنى منخفض. في الفترة ذاتها تناقلت وسائل إعلامية غربية مقالا نشر في صحيفة (كومرسانت) الروسية في الرابع والعشرين من يناير تضمن تحليلاً مثيراً لمستقبل العلاقات الروسية السورية، ويرى المقال ان روسيا وسورية يسعيان لاستخدام بعضهما البعض في علاقة منفعة متبادلة تحقق لكلا الطرفين عددا من الفوائد المشتركة خلال الفترة الحالية، وتوقع المقال ان تشهد العلاقات الروسية السورية رواجاً كبيراً في الفترة المقبلة وان تتعدى زيارات الرئيس السوري بشار الأسد لروسيا. ورأى المقال ان العلاقات الروسية السورية لم تكن مثالية على طول الوقت، ولكن خلال الفترة الحالية تحتاج سورية روسيا لعدة أسباب من بينهما إزالة الديون السورية لروسيا والتي تبلغ حوالي 13 بليون دولار أمريكي، أما السبب الأهم فهو حاجة سورية لحلفاء لمواجهة الضغوط الأمريكية المتزايدة عليها خاصة منذ سقوط النظام العراقي، وتعتقد الجريدة ان سورية لجأت إلى روسيا كملجأ أخير بعد أن اكتشفت انه يصعب عليها الاعتماد على بعض الدول الأوروبية مثل فرنساوألمانيا واللتين لم تبديا حماساً بالتحالف مع سورية مثل الحماس الذي أظهرتاه في معارضة الحرب على العراق. أما روسيا فهي تسعى من تقاربها من سورية لاستعادة بعض مكانتها الدولية خاصة وأن التقارب من سورية سوف يساعد روسيا على تحقيق عدد من الأهداف الاستراتيجية الهامة، من بينها ايجاد دور روسي في عملية التسوية السورية الإسرائيلية وكذلك اللبنانية الإسرائيلية، وايجاد دور لروسيا في عملية مكافحة انتشار أسلحة الدمار الشامل بالشرق الأوسط من خلال مراقبة سياسات التسلح السورية، وايجاد دور روسي في الحرب على الإرهاب من خلال التعاون مع سورية بهذا الخصوص، وكذلك التقرب من الدول المسلمة والعربية وجماهير المنطقة مما قد يساعد روسيا في الوصول إلى تسوية لصراعها مع مسلمي الشيشان.