علينا أن نتحلى بالشجاعة ونعترف بأننا لسنا بصدد تطبيق نظريات الفيلسوف أفلاطون حول العالم المثالي، وعلينا أن ندرك أننا في زمن تتحكم فيه مصالح عدة وتستبد به أطماع لا حصر لها. فالأمزجة متقلبة والآراء لا تستقر على حال. وفي مثل هذه الظروف وجد الفكر الأسود البيئة المناسبة لينمو ويترعرع، ليبدأ بنفث سمومه على امتداد العالم عامةً وعلى امتداد عالمنا الإسلامي، ليشرع في التدمير وقتل الأبرياء العُزل والتفجير دون مراعاة لأبسط قواعد الإنسانية أو لمبادئ الدين الإسلامي الحنيف. وما يزيد هذا الأمر سوءاً ويملأ النفس بالألم أن عِماد المجتمع – فئة الشباب – هي الفئة المستهدفة لهذا الفكر الضال، وهم الفئة التي يتم التغرير بهم من الإعلام المأجور لذي يجندهم للتهريب والتخريب والتدمير ونشر الفوضي والفتن بطرق وأسباب ما أنزل الله بها من سلطان. ولمواجهة كل ذلك، لابد لنا أن نصحو صحوة قوية واعية لتجنيد كافة الإمكانات والطاقات وحشد كل القدرات في المجتمع لنشر ثقافة محاربة هذا الفكر الضال، وأن نكشف بالدليل والبراهين الواضحة أن ما يدعو له هذا الفكر ما هو إلا زيف زائل لا محالة وأن نهاية من ينتهج هذا الفكر هو إلى غياهب السجن أو إلى القبور غير مأسوف عليهم وهم منبوذون في دينهم ومجتمعهم. يقع على عاتقنا جميعاً من معلمين، آباء و إخوة أن نشرع مباشرة في تأمين أفكار هذه الفئة من الشباب وتحصينها، وإيصاد كل الأبواب في وجه من يحاولون دس سمهم في عسلنا بدعوى أنهم يدعون إلى حرية الرأي ولكنهم واقعياً لا يخدمون إلا مصالحهم القذرة ويروجون لأفكار مدمرة وفق أجندات وخطط موضوعة سابقاً. هذا السرطان الفكري لابد أن تتم مواجهته بشكل مباشر من المثقفين وأهل الاطلاع الواسع والشرفاء في كل وطن، يبدأون من الآن على بركة الله مشمرين عن سواعد الجد ليتصدوا بكل حزم وقوة لكل من تم التغرير به ويوضحوا لهم الحقيقة البيضاء وأن يقوموا بغسل كل الشوائب التي تخالط عقول الشباب التي زُرعت في عقولهم. لسنا بمعزل عن العالم، ولسنا في مدينة محاطة بسياج لا يدخلها الغرباء ولا يخرج منها أهلها. نحن نعيش في عالم مفتوح ونختلط بكل الثقافات والعادات والديانات المختلفة ولذلك نحن بحاجة أكثر من ماسة إلى تفعيل ثقافة الأمن الفكري الذي هو باعتقادي أهم بكثير من الأمن الاقتصادي وربما الأمن السياسي (نوعاً ما) كونه يحمي الوطن من الداخل ويحقق مفهوم الترابط الداخلي في نسيج المجتمع الداخلي، ولأن غسل الأدمغة وملأها بالأفكار السوداء هو الذي أوصلنا على عالم مليء بالتدمير والقتل والفوضى اللامنتهية. شباب الوطن بحاجة ماسة إلى أن نحصنهم ضد فكر الإرهاب وأن نبين لهم الطريق المستقيم وذلك بالطرق الحكيمة والموعظة الحسنة وبجدال يكون بالأحسن وممتلئ بالإقناع الذي لا يتطرق لأي نوع من التهديد أو الوعيد. اللهم احمِ أوطان المسلمين ومقدساتهم.