دان مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء رفض إيران الالتزام بالمقتضيات الشرعية والتنظيمات المرعيَّة في شأن الحج، واصفاً محاولة تسييس الفريضة بأنها سياسة إجرامية تستهدف إثارة الفوضى وتفريق المسلمين. وأكد الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ أن الله خوَّل ولاية الحرمين الشريفين لهذه الدولة المباركة المملكة «ويجب السمع والطاعة لما تقرره من تنظيمٍ ييسِّر الحج لجميع المسلمين»، مُشدِّداً «من شذَّ شذَّ في النار فلا مكان له». وأشار، في حديثٍ أمس خلال برنامجه الأسبوعي «ينابيع الفتوى» على إذاعة «نداء الإسلام» من مكةالمكرمة، إلى كون الحج عبادة خالصة لله لتوحيده وإخلاص الدين له وليس لتسييس الفريضة واستغلالها للمطامع الشخصية. واستدلَّ بآيات «فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله» و»ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم» و»فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباكم أو أشد ذكرا» و»واذكروا الله في أيام معدودات». وخلال شهر مايو الفائت؛ أعلنت وزارة الحج والعمرة السعودية رفض بعثة منظمة الحج والزيارة الإيرانية مرتين التوقيع على محضر ترتيبات الحج. وحمَّلت الوزارة، عبر بياناتها، المنظمة الإيرانية المسؤولية، مُشدِّدةً على استقبال المملكة الحجاج من كل الجنسيات. وذكَّر المفتي بأن «قريش في جاهليتهم كانوا لا يقفون في عرفة ويقولون: نحن أهل الحرم نقف بمزدلفة ومنى ولا نأتي عرفة، فأنزل الله (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله)، فأمرهم الله أن يسلكوا سبيل المؤمنين مع الناس ولا يسلكوا سبيلاً غيرهم فيلتزموا الوقوف بعرفة ويبيتوا بمزدلفة فيكونوا سواءً في هذا النسك، لا فرق بين قرشي وغيره». ولفت إلى ما في الحج من التحام الكلمة ووحدة الصف واجتماع الرأي والقيام بطاعة الله وتآلف المسلمين وتآخيهم من أقطار الدنيا «يلتقون للتفاهم والتشاور والتعاون على مصالح دينهم ودنياهم». ووصف آل الشيخ، وهو أيضاً الرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء، أي سياسةٍ تريد تحويل الحج عن مجراه الصحيح بسياسةٍ إجراميةٍ وتوجُّه سيئ يريد إثارة الفوضى ونشر الجهل في الحجاج أو الاعتداء وتفريق المسلمين وجعلهم شيعاً وأحزاباً. ونبَّه «كل هذا مرفوض في الإسلام الذي جعل الحج عبادة وطاعة لا منبراً للجاهلية ونشر البدع أو السياسات». وأكمل «أما من أراد فرض باطله وضلاله بين المسلمين فلا مكان له، ولقد سبقت أفعال سيئة في المسجد الحرام من مثل هذه الطوائف التي لا تراعي حرمة البيت والبلد الحرام والفريضة العظيمة، فأوائلهم هم الذين قتلوا الحجاج في يوم الثامن من ذي الحجة وسرقوا الحجر الأسود واقتلعوه معهم 22 سنة حتى ردَّه الله إلى مكانه، أسلافهم لهم شرٌ في ذلك وخلفهم تابعٌ لسلفهم في هذا السلوك السيئ المرفوض لتسييس الحج بأي وجهٍ كان، فهذا لا يجوز». في السياق نفسه؛ قال المفتي إن المملكة مؤتمنةٌ على البيت الحرام «اللهُ خوَّلها هذه الولاية وخدمة الحرمين الشريفين التي توليها أهمية فوق كل شيء». وأوضح «للدولة أن تضع من التنظيمات التي تحفظ الحجاج وتيسِّر أداء العبادة بكل يسر وأمن وسهولة ما تراه مناسباً، والسمع والطاعة واجبة لها في ذلك، ومن أراد سوى هذا فمردودٌ قوله ولا يُصغَى إليه». وجدَّد آل الشيخ الإشارة إلى كون الحج مفتوح بابه لكل حاج كما وقَّعت جميع الدول الإسلامية والتزمت «أما من شذّ عن الأمة ورفض ذلك فلا مكان له، وكفى الله الأمة شره، ولا مكن الله له، وحرَس المملكة العربية السعودية من كل سوء ومكروه، وحفظ قيادتها التي تبذل وسعها في خدمة الحرمين الشريفين وحمايتهما».