في بعض الدول أو بالأصح في الدول الغربية عندما تواجههم مشكلة اجتماعية تجدهم يبحثون أولا عن السبب، ثم يغوصون في عمق المشكلة حتى يجدوا حلولا لها كي لا تتكرر، وإذا تكرر حدوثها عادوا إلى المحققين الأوائل وأخضعوهم للمحاسبة، -مع الأسف- نحن إذا فشلنا في وجود الحل علَّقنا المشكلة أو وضعناها في أبعد رف في المكتب حتى يختفي الحبر وتتمزق الأوراق، وإذا تكررت المشكلة وحدثت ثانية؛ يقوم المسؤول بكل حماس كسابقه بفتح الملف الجديد ورمي السابق في سلة المهملات، ثم يبدأ التطبيل الذي لا يختلف عن التطبيل السابق إلا برنّة الإيقاع، مع العلم أن الطبل واحد والنتيجة واحدة هذا هو واقعنا المؤلم. يذهب وزير ويأتي وزير آخر ومشكلة حوادث المعلمات بالجملة أسبوعيا والموت سيدها مع العلم أن كل وزير يتربع على الكرسي يسمعنا الأسطوانة: سوف نقوم بحل عاجل لمشكلة حوادث المعلمات.. وسوف نوفر كذا وكذا.. وسوف.. إلخ. ولكنّ المعلمات وهنّ الضحايا بانتظار فرج كلمة (سوف) حيث طالت حوادث المعلمات في عام واحد فقط 150 معلمة فاضلة بين الوفاة والإصابة الدائمة، مع العلم أنه لو سُمح للمعلمة بقيادة سيارتها إلى مدرستها النائية بدلا من حافلة ليكتظ بالمعلمات وسائق تحت التدريب ربما لم نشاهدْ حصد أرواح المعلمات بالعشرات، أتساءل لماذا لا نشاهد هذا في دول الخليج أو دول الجوار؟. هل تعلم وزارة التربية والتعليم أن أكثر من %35 من الحوادث المرورية في المملكة هي من نصيب المعلمين والمعلمات على الطرق النائية والمعلمات يحظين بنصيب الأسد منها؟ ناهيك عن طلاب وطالبات الجامعات، والأعظم من هذا أن وزارتنا الموقرة لا تعترف بالفشل والتقصير كي تحيلَ الملفَ إلى مجلس الشورى ليوضع على طاولة البحث لهذه المشكلة، التي أصبحت من أولويات مشكلاتنا الاجتماعية، بل ذهبت لتكابر وتعزف على التعويضات بعد الوفاة دون العزف على السبب الرئيس للمشكلة، وكأن حالها يقول: لا يوجد لديَّ حل. أجزم بأن نجاح أي وزير يتولى حقيبة التعليم هو بإيجاد حد لمشكلة معلمينا ومعلماتنا في المناطق النائية.